للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاءِ، قال: يَشْتَرِكُونَ في الوَقْفِ. واحْتَجَّ القاضي بأنَّ قولَه: وَلَدِى. يَسْتَغْرِقُ الجنْسَ، فيَعُمُّ الجَمِيعَ، وقولَه: فلان وفلان. تَأْكِيدٌ لبعضِهم، فلا يُوجِبُ إخْرَاجَ بَقِيَّتِهِم، كالعَطْفِ في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (١٨). ولَنا، أنَّه أبْدَلَ بعضَ الوَلَدِ من اللَّفْظِ المُتَنَاوِلِ لِلْجَمِيعِ، فاخْتصَّ بالبعضِ المُبْدَلِ، كما لو قال: على وَلَدِى فُلَانٍ. وذلك لأنَّ بَدَلَ البعضِ يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الحُكْمِ به، كقولِ اللهِ تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (١٩). لما خَصَّ المُسْتَطِيعَ بالذِّكْرِ، اخْتَصَّ الوُجُوبُ به. ولو قال: ضَرَبْتُ زَيْدًا رَأْسَه. ورَأَيْتُ زَيْدًا وَجْهَهُ. اخْتَصَّ الضَّرْبُ بالرَّأْسِ، والرُّؤْيَةُ بالوَجْهِ. ومنه قولُ اللَّه تعالى: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} (٢٠). وقولُ القائِلِ: طَرَحْتُ الثِّيابَ بعضَها فوقَ بعضٍ. فإنَّ الفَوْقِيَّةَ تَخْتَصُّ بالبعضِ مع عُمُومِ اللَّفْظِ الأَوّلِ. كذا ههُنا. وفارَقَ العَطْفَ، فإنَّ عَطْفَ الخاصِّ على العامِّ يَقْتَضِى تَأْكِيدَه، لا تَخْصِيصَه. وقول أحمدَ: هم شُرَكَاءُ، يَحْتَمِلُ أن يَعُودَ إلى أوْلادِ أولادِه، أي يَشْتَرِكُ أوْلَادُ المَوْقُوفِ عليهما (٢١) وأوْلادُ غيرِهم؛ لِعُمُومِ لَفظِ الواقِفِ فهم، ويَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِه عليه، لِقِيامِ الدَّلِيلِ عليه. ولو قال: على وَلَدَىَّ فُلَانٍ وفُلَانٍ، ثم على المَسَاكِينِ. خُرِّجَ فيه من الخِلَافِ مثلُ ما ذَكَرْنا. ويَحْتَمِلُ [على قَوْلِ القاضي] (٢٢) أن يَدْخُلَ في الوَقْفِ وَلَدُ وَلَدِه؛ لأنَّنا قد ذَكَرْنا من قبلُ أن ظاهِرَ كلامِ أحمدَ أنَّ قولَه: وَقَفْتُ على وَلَدِى. يَتَناوَلُ نَسْلَه وعاقِبَتَه كلَّها.

فصل: ومن وَقَفَ على [أوْلَادِه أو أَوْلَادِ غيرِه] (٢٣)، وفيهم حَمْلٌ، لم يَسْتَحِقَّ


(١٨) سورة البقرة ٩٨.
(١٩) سورة آل عمران ٩٧.
(٢٠) سورة الأنفال ٣٧.
(٢١) في الأصل: "عليهم".
(٢٢) سقط من: م.
(٢٣) في الأصل: "أولاد وأولاد غيره". وفي م: "أولاد أو أولاده غيره". ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>