للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصْحابِ الرَّأْيِ. وظاهرُ كلامِ أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّه لا يُصَلَّى على الخَوارجِ فإنَّه قال: أهلُ البِدَعِ، إن مَرِضُوا فلا تَعودُوهُم، وإن ماتُوا فلا تُصَلُّوا عليهم. وقال أحمدُ: الجَهْمِيَّةُ والرَّافِضَةُ لا يُصَلَّى عليهم، قد تَرَكَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاةَ بِأقلَّ من هذا. وذكرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى أنْ تُقَاتَلَ خَيْبَرُ من ناحيةٍ من نَواحِيها، فقاتلَ رجلٌ من تلك النَّاحيةِ، فقُتِلَ، فلم يُصَلِّ عليه النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢). فقِيل له (٣): فإنْ (٤) كانَ في قَرْيةٍ أهلُها نَصارَى، ليس فيها مَن يُصَلِّي عليه. قال: أنا لا أشْهَدُه، يَشْهَدُه مَنْ شاء. وقال مالكٌ: لا يُصَلَّى على الإِباضِيَّةِ، ولا القَدَرِيَّةِ، وسائرِ أهلِ (٥) الأهْواءِ، ولا تُتْبَعُ جَنائِزُهم، ولا تُعادُ مَرْضاهم. والإِباضِيَّةُ صِنفٌ من الخَوارجِ، نُسِبُوا إلى عبدِ اللهِ بنِ إباضٍ، صاحبِ مَقالتِهم. والأزارقةُ أصحابُ نافعِ بنِ الأزْرَقِ. والنَّجَدَاتُ أصحابُ نَجْدةَ الْحَرُورِيِّ. والبَيْهسِيَّةُ أصحابُ بَيْهَسَ. والصُّفْرِيَّةُ قيلَ: إنَّهم نُسِبُوا إلى صُفْرَةِ ألوانِهم، وأصنافُهم كثيرةٌ (٦). والحَرُورِيَّةُ نُسِبُوا إلى أرْضٍ يقالُ لها: حَرُوراء خَرَجُوا بها. وقال أبو بكرٍ بنُ عَيَّاش: لا أُصَلِّي على الرَّافِضِيِّ؛ لأنَّه يزْعُمُ (٧) أنَّ عمرَ كافرٌ، ولا على الحَرُورِيِّ؛ لأنَّه يَزْعُمُ أنَّ عليًّا كافرٌ. وقال الفِرْيَابيُّ: مَنْ شَتَمَ أبا بكرٍ فهو كافرٌ، لا يُصَلَّى عليه. ووَجْهُ تَرْكِ الصَّلاةِ عليهم، أنَّهم يُكَفِّرُونَ أهلَ الإِسلامِ، ولا يَرَوْنَ الصلاةَ عليهم، فلا يُصَلَّى عليهم، كالكُفَّارِ مِنْ أهلِ الذِّمَّةِ وغيرِهم، ولأنَّهم مَرَقُوا من الدِّينِ، فأَشْبَهُوا المُرْتَدِّين.

فصل: والبُغاةُ إذا لم يَكونُوا من أهلِ البِدَعِ، ليسُوا بِفاسِقِين، وإنَّما هم مُخْطِئون (٨) في تأوِيلِهم، والإِمامُ وأهلُ العَدْلِ مُصِيبون في قتالِهم، فهم جميعًا


(٢) لم نجده فيما بين أيدينا.
(٣) سقط من: ب، م.
(٤) في م: "إنه".
(٥) في م: "أصحاب".
(٦) انظر: الملل والنحل ١/ ١٩٥ - ٢٦٥.
(٧) في م: "زعم".
(٨) في م: "يخطئون".

<<  <  ج: ص:  >  >>