للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالَى: {وَالْمَوْقُوْذَةُ} (٤). ورَوَى سَعِيدٌ، بإِسْنادِه عن إبراهيمَ، عن عَدِىٍّ قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَلَا تَأْكُلْ مِنَ البُنْدُقَةِ إِلَّا ما ذَكَّيْتَ" (٥). وقال فى المِعْرَاضِ: "إِذَا أُصِيبَ بِعَرْضِه، فَقَتَلَ، فإنَّهُ وَقِيذٌ" (٦). وقال عمرُ: لِيَتَّقِ أحدُكم أَنْ يحْذِفَ الأَرْنَبَ بالعَصا والحجَرِ. ثمَّ قال: ولْيُذَكِّ لكم الأسَلُ، الرِّماحُ والنَّبْلُ (٧). إذا ثَبَتَ هذا، فسَواءٌ شَدَخَه أو لم يَشْدَخْه، حتَّى لو رَمَاهُ (٨) ببُنْدُقَةٍ فَقَطَعَت حُلْقُومَ طائِرٍ ومَرِيئَه، أو أَطارَتْ رَأْسَه، لم يَحِلَّ. وكذلك إنْ فعَلَ ذلك بحَجَرٍ غيرِ مَحْدُودٍ (٩).

١٧٢٣ - مسألة؛ قال: (وَلا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْمَجُوسِىِّ وذَبِيحتُهُ (١)، إلَّا مَا كَانَ مِنْ حُوتٍ، فَإِنَّه لَا ذَكَاةَ لَهُ)

أَجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على تحريمِ صَيْدِ الْمَجُوسِىِّ وذَبِيحَتِه، إلَّا ما لا ذَكاةَ له، كالسَّمَكِ والْجَرادِ، فَإِنَّهم أَجْمَعُوا على إباحَتِه، غيَر أَنَّ مالِكًا، واللَّيْثَ، وأبا ثَوْرٍ، شَذُّوا عن الجماعَةِ، وأَفْرَطُوا، فأَمَّا مالِكٌ واللَّيْثُ فقالا: لا نَرَى أَنْ يُؤْكَلُ الجرادُ إذا صادَه المجُوسِىُّ. ورَخَّصَا فى السَّمَكِ. وأبو ثَوْرٍ أَباحَ صَيْدَه وذَبِيحَتَه، لقولِ النّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سُنُّوا بهم سُنَّةَ أَهْلِ الْكتابِ" (٢). ولأنَّهم يُقَرُّونَ بالجِزْيَةِ، فيباحُ صَيْدُهم وذَبائِحُهم، كاليَهُودِ والنَّصارَى. واحْتَجَّ بروايَةِ عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ. وهذا قولٌ يُخالِفُ الإِجْماعَ، فلا عِبْرَةَ به. قال إبراهيمُ الحَرْبِىّ: خَرَقَ أبو ثَوْرٍ الإِجْماعَ. قال أحمدُ: ههُنا قومٌ لا يَرَوْنَ بذبائِح المجوسِ بأْسًا، ما أَعْجبَ هذا! يُعَرِّضُ بأَبِى ثَوْرٍ. وممَّنْ رُوَيتْ عنه كَراهِيَةُ ذَبائِحِهم ابنُ مسعود، وابنُ عبَّاسٍ، وعلىٌّ، وجابِرٌ، وأبو بُرْدَةَ، وسعيدُ بن المُسَيَّبِ،


(٤) سورة المائدة ٣.
(٥) وأخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٨٠.
(٦) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٥٧.
(٧) أخرجه البيهقى، فى: باب الصيد يرمى بحجر أو بندقة، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى ٩/ ٢٤٨. ولم يعزه إلى عمر.
(٨) فى أ: "رما".
(٩) فى أ، ب، م: "محدد".
(١) سقط من: الأصل، ب.
(٢) تقدم تخريجه، فى: ٩/ ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>