للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن قال العَجَمِىُّ: بهشتم بسيار (١٥). طَلُقَتْ امرأتُه ثلاثًا. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنّ معناه: أنتِ طالقٌ كثيرًا. وإن قال: بهشيم. فحَسْبُ (١٦)، طَلُقَتْ واحدةً، إلَّا أن يَنْوِىَ ثلاثًا، فتكونَ ثلاثًا. نَصَّ عليه أحمدُ، فى روايةِ ابن منصورٍ. وقال القاضى: يَتَخَرَّجُ (١٧) فيه روايتانِ؛ بناءً على قوله: أنت طالقٌ. لأنَّ هذا صريحٌ، وذاك صريحٌ، فهما سواءٌ. والصّحيحُ أنَّه يَقَعُ ما نَواه؛ لأنَّ معناها خَلَّيْتُكِ، وخَلّيتُكِ يَقعُ بها ما نَواه، وكذا ههُنا، وإنَّما صارتْ صريحةً لشُهرةِ استعمالِهَا فى الطَّلاقِ، وتَعَيُّنِهَا له، وذلك لا يَنْفِى معناها، ولا يمْنَعُ العملَ به إذا أرادَه. وإِنْ قال: فارقتُكِ. أو: سرَّحتُكِ. ونَوَى واحدةً، أو أطْلَقَ، فهى واحدةٌ. وإن نَوَى ثلاثًا، فهى ثلاثٌ؛ لأنَّه فِعْلٌ يُمْكِنُ أن يُعَبرَّ به عن القليلِ والكثيرِ، وكذلك لو قال: طَلَّقتُكِ.

فصل: ولا يقعُ الطَّلاقُ بغيرِ لفظ الطَّلاقِ، إلَّا فى مَوْضِعَيْنِ؛ أحدُهما، مَن لا يَقْدِرُ على الكلامِ، كالأخْرَس إذا (١٨) طلَّقَ بالإِشارةِ، طَلُقَت زوجتُه. وبهذا قال مالكٌ، والشّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نَعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلك لأنَّه لا طريقَ له إلى الطَّلاقِ إلَّا بالإِشارةِ، فقامت إشارتُه مَقامَ الكلامِ مِن غَيْرِه (١٩) فيه (٢٠)، كالنِّكاحِ، فأمَّا القادِرُ (٢١)، فلا يَصِحُّ طلاتُه بالإِشارةِ، كما لا يَصِحُّ نكاحُه بها، فإن أشارَ الأخْرَسُ بأصابِعِه الثّلاثِ إلى الطَّلاقِ، طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأنَّ إشارتَه جَرَتْ مَجْرَى نُطْقِ غيرِه. ولو قال النَّاطقُ: أنتِ طالِقٌ. وأشارَ بأصابعِه الثَّلاثِ. لم يَقَعْ إِلَّا واحدةٌ؛ لأنَّ إشارتَه لا تَكْفِى. وإن قال: أنتِ طالقٌ هكذا. وَأشارَ بأصابِعِه الثَّلاثِ، طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأنَّ قولَه


(١٥) فى ب، م: "لبسيار".
(١٦) فى النسخ: "فحسبت". وفى ب، م بعده زيادة: "بالفارسية".
(١٧) فى أ: "يخرج".
(١٨) فى أ، ب، م: "وإذا".
(١٩) فى ب، م: "غير".
(٢٠) سقط من: الأصل. وفى ب، م: "نية".
(٢١) فى ب، م: "للقادر".

<<  <  ج: ص:  >  >>