للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّومِ، فله دينارٌ. يُريده لطَعامِ السَّبْىِ، ما تَرَى في أخْذِ الدينار؟ [فما رأى] (٢٣) به بَأْسا. قيل: فالإِمامُ يُخْرِجُ السَّرِيَّةَ وقد نفَّلَهم جميعًا، فلمَّا كان يومُ الْمَغارِ نادَى: مَنْ جاءَ بعشرةِ رُءوسٍ، فله رأسٌ، ومَنْ جاءَ بكذا، فله كذا. فيَذْهبُ الناسُ فيطلبون، فما تَرَى في هذا النَّفَل؟ قال: لا بَأْسَ به، إذا كان يُحَرِّضُهم على ذلك، ما لم يسْتَغْرِقِ الثُّلثَ. قلتُ: فلا بأْسَ بنَفَلَيْن في شيءٍ واحد؟ قال: نَعَمْ، ما لم يسْتَغْرِقِ الثُّلثَ. غيرَ مرَّةٍ سمعتُه يقولُ ذلك.

فصل: ويجوزُ للإِمامِ ونائبِه أنْ يَبْذُلا (٢٤) جُعْلًا لمَنْ يدُلُّه على ما فيه مصلَحَةٌ للمسلمين، مثل طريق سَهْلٍ (٢٥)، أو ماءٍ في مَفازةٍ، أو قلعةٍ يفْتَحُها، أو مالٍ يأخذُه، أو عَدُوٍّ يُغِيرُ عليه، أو ثَغْرَةٍ يدْخُلُ منها. لا نعلمُ في هذا خلافًا؛ لأنَّه جُعْلٌ في مصلحةٍ، فجازَ، كأُجْرَةِ الدَّليلِ، وقد اسْتَأْجَرَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكرٍ في الهِجْرَةِ مَن دَلَّهُم على الطريقِ (٢٦). ويَسْتَحِقُّ الجُعْلَ بفِعْلِ ما جُعِلَ له الجُعْلُ فيه، سواءٌ كان مسلمًا أو كافرًا، من الجيشِ أو من غيرِه. فإنْ جُعِلَ له الجُعْلُ ممَّا في يدِه، وجَبَ أنْ يكونَ معلومًا؛ لأنَّها (٢٧) جَعالةٌ بعِوَضٍ من مالٍ معلومٍ، فوَجَبَ أنْ يكونَ معلومًا، كالجَعَالةِ في رَدِّ الآبِقِ، وإنْ كان الجُعْلُ من مالِ الكُفَّارِ، جازَ أنْ يكونَ مجهولًا جَهالَةً لا تَمْنَعُ التَّسْليمَ، ولا تُفْضِى إلى التَّنازُعِ؛ لأنّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جعَلَ للسَّرِيَّةِ الثُّلثَ والرُّبعَ ممَّا غَنِمُوه، وهو مجهولٌ؛ لأنَّ الغَنِيمةَ كلَّها مجهولَةٌ، ولأنَّه ممَّا تدْعُو الحاجةُ إليه، والْجَعالةُ إنَّما تجوزُ بحسَبِ الحاجَةِ، فإن جعلَ له جاريةً مُعَيَّنَةً إنْ دَلَّه على قلعةٍ يفتحُها، مثل أن جعلَ له بنتَ رجُلٍ عيَّنَه من أهْلِ القَلْعَةِ، لم يسْتحِقَّ شيئًا حتى يفتحَ القلعةَ؛ لأنَّ جَعالةَ شيءٍ منها (٢٨) اقْتَضَى (٢٩) اشْتِراطَ


(٢٣) في م: "فلم ير".
(٢٤) في أ: "يبذل".
(٢٥) في أ: "سهلة".
(٢٦) تقدم تخريجه، في: ٨/ ٥.
(٢٧) في أ: "لأنه".
(٢٨) في الأصل، م: "منه".
(٢٩) في م: "اقتضت".

<<  <  ج: ص:  >  >>