للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصُرَعَة. ولأنَّ كثيرًا من الناسِ يُذَكِّرُ المُؤَنَّثَ، ويُؤنِّثُ المذَكَّرَ، ولا يخْرُجُ بذلك عن كونِ المُخاطَبِ به مُرادًا بما يُرادُ باللَّفْظِ الصحيحِ.

فصل: وإن قال لِرَجُلٍ: زَنَيْتَ بفلانةَ. كان قاذِفًا لهما. وقد نُقِلَ عن أبي عبدِ اللهِ، أنَّه سُئِلَ عن رجلٍ قال لرجلٍ: يا ناكحَ أُمِّه. ما عليه؟ قال: إن كانتْ أُمُّه حَيَّةً، فعليه [للرجلِ حَدٌّ] (٢٨)، ولأُمِّه حَدٌّ. وقال مُهَنَّا: سألتُ أبا عبدِ اللَّه: إذا قال الرجلُ لرجلٍ: يا زَانِى ابنَ الزَّانِى. قال: عليه حَدَّان. قلتُ: أَبَلَغَكَ في هذا شَىْءٌ؟ قال: مَكْحُولٌ قال: فيه حَدَّانِ. وإن أقَرَّ إنْسانٌ أنَّه زَنَى بامرأةٍ، فهو قاذِفٌ لها، سَواءٌ لَزِمَه (٢٩) حَدُّ الزِّنَى بإقْرارِه أو لم يَلْزَمْه. وبهذا قال ابنُ المُنْذِرِ، وأبو ثَوْرٍ. ويُشْبِهُ مذهبَ الشَّافِعِيِّ. وقال أبو حنيفة: لا يَلْزَمُه حَدُّ القَذفِ؛ لأنَّه يُتَصَوَّرُ منه الزِّنَى بها من غيرِ زِنَاها؛ لاحْتمالِ أن تكونَ مُكْرَهَةً، أو مَوْطوءَةً بشُبْهَةٍ. وَلنا، ما رَوَى ابنُ عباس، أنَّ رجُلًا من بكرِ بن لَيْثٍ، أتَى النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأقرَّ أنَّه زنَى بامرأةٍ أرْبعَ مَرَّاتٍ، فجَلده مائةً، وكان بِكْرًا، ثم سألَه البَيِّنَةَ على المرأةِ، فقالت: كَذَبَ واللَّه يا رسولَ اللَّه. فجلدَه حَدَّ الفِرْيَةِ ثمانين (٣٠). والاحتمالُ الذي ذكرَه لا يَنْفِى الحَدَّ، بدليلِ ما لو قال: يا نائِكَ أُمِّهِ. فإنَّه يَلْزَمُه الحَدُّ، مع احْتمالِ أن يكونَ فَعَلَ ذلك بشُبْهَةٍ. وقد رُوِىَ عن أبي هُرَيْرةَ، أنَّه جُلِدَ رجلٌ قال لرجلٍ ذلك (٣١). ويتَخرَّجُ لنا مثلُ قولِ أبى حنيفةَ، بِناءً على ما إذا قال لامرأتِه: يا زانيةُ. فقالتْ: بِكَ زَنَيْتُ. فإنَّ أصْحابَنا قالوا: لا حَدَّ عليها في قولها: بكَ زَنَيْتُ؛ لاحتمالِ وُجودِ الزِّنَى به مع كَوْنِه واطِئًا بشُبْهَةٍ، ولا يجبُ الحَدُّ عليه؛ لتَصْديقِها إيَّاه. وقال الشافعيُّ: عليه الحَدُّ دونَها، وليس هذا بإقْرارٍ صحيحٍ. ولَنا، أنَّها صدَّقَتْه، فلم


(٢٨) في م: "الحد للرجل".
(٢٩) في ب، م: "ألزمه".
(٣٠) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٥٦.
(٣١) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في حد قذف المحصنات، من كتاب الحدود. السنن الكبرى ٨/ ٢٥١. وابن أبي شيبة، في: باب في الرجل يقول: يا فاعل بأمه، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>