للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرَّضاعُ، والعُيوبُ تحتَ الثِّيابِ كالرَّتْقِ والقَرَنِ والبَكارَةِ والثّيابَةِ والبَرَصِ، وانْقِضاءُ العِدَّةِ. وعن أبى حنيفةَ: لا تُقْبَلُ شهادَتُهنَّ مُنْفرِداتٍ على الرَّضاعِ؛ لأنَّه يجوزُ أن يطَّلِعَ عليه مَحارمُ المرأةِ مِن الرِّجالِ، فلم يَثْبُتْ بالنِّساءِ مُنْفرِداتٍ، كالنِّكاحِ (٢). ولَنا، ما رَوَى عُقْبةُ بنُ الحارثِ، قال: تزوَّجتُ أُمَّ يحيى بنتَ أبى إهابٍ، فأتَتْ أمَةٌ سَوداءُ، فقالت: قد أرضَعْتُكما. فأتَيْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فذكرتُ ذلك له، فأعْرَضَ عنِّى، ثم أتيْتُه فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّها كاذِبةٌ. قال: "كَيْفَ، وَقَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ". مُتَّفقٌ عليه (٣). ولأنَّها شَهادةٌ على عَورةٍ للنِّساءِ فيها مَدْخلٌ، فقُبِلَ فيها شهادةُ النِّساءِ، كالوِلادةِ، وتُخالفُ العَقْدَ، فإنه ليس بعَوْرةٍ. وحُكىَ عن أبى حنيفةَ أيضًا، أنَّ شَهادةَ النِّساء المُنْفرِداتِ لا تُقْبَلُ فى الاسْتِهْلالِ؛ لأنَّه يكونُ بعدَ الولادةِ. وخالفَه صاحِباه، وأكثرُ أهلِ العلمِ؛ لأنَّه يكونُ حالَ الولادةِ، فيتعَذَّرُ حُضورُ (٤) الرِّجالِ، فأشتبَهَ الوِلادةَ نفسَها. وقد رُوىَ عن علىٍّ، رحَمه اللهُ، أنَّه أجازَ شَهادةَ القابِلَةِ وَحْدَها فى الاسْتِهْلالِ. روَاه الإمامُ أحمدُ، وسعيدُ بنُ منصورٍ (٥). إلَّا أنه مِن حديثِ جابرٍ الجُعْفِىِّ. وأجازَه شُرَيحٌ، والحسنُ (٦)، والحارِثُ العُكْلىُّ، وحَمَّادٌ.

فصل: إذا ثبتَ هذا، فكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: تُقْبَلُ فيه شهادةُ النِّساءِ المُنْفرداتِ. فإنَّه تُقْبَل فيه شَهادةُ المرأةِ الواحدةِ. وقالَ طاوسٌ: تجوزُ شَهادةُ المرأةِ فى الرَّضاعِ، وإن كانت سَوْداءَ. وعن أحمدَ، رِوايةٌ أُخْرَى: لا تُقْبَلُ فيه إلَّا امْرأتانِ. وهو قولُ الحَكمِ، وابنِ أبى ليلَى، وابنِ شُبْرُمَة. وإليه ذهبَ مالكٌ، والثَّورىُّ؛ لأنَّ كلَّ جِنْسٍ به الحقُّ كَفَى


(٢) فى الأصل: "على النكاح".
(٣) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٣١٠.
(٤) فى الأصل، أ: "حصول".
(٥) وأخرجه الدارقطنى، فى: كتاب فى الأقضية والأحكام وغير ذلك. سنن الدارقطنى ٤/ ٢٣٣. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى عددهن، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى ١٠/ ١٥١. وعبد الرزاق، فى: باب شهادة امرأة على الرضاع، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٨٥. وابن أبى شيبة، فى: باب ما تجوز فيه شهادة النساء، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف ٦/ ١٨٧. ولم نجده فى المسند.
(٦) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>