للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابنِ سِيرِينَ، وشَرِيكٍ، أنَّه لا يجوزُ بَيْعُ الأَخِ من الرَّضاعةِ. ورُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ أنَّه كَرِهَه. والأولُ أصحُّ. قال الزُّهْرِىُّ: جَرَتِ السُّنَّةُ بأن يُباعَ الأخ والأُختُ من الرَّضاعِ. ولأنَّه لا نَصَّ فى عِتْقِهِم، ولا هُم فى معنى المنصوص عليه، فيَبْقُون على الأصْلِ، ولأنَّهما لا رَحِمَ بينهما، ولا تَوارُثَ، ولا تَلْزَمُه نَفَقَتُه، فأشْبَهَ الرَّبِيبَة وأُمِّ الزَّوْجةِ.

فصل: وإن مَلَكَ وَلَدَه من الزِّنَى، لم يَعْتِقْ عليه. على ظاهرِ كلامِ أحمدَ؛ لأنَّ أحْكامَ الوَلَدِ غيرُ ثابتةٍ فيه، وهى الميراثُ، والحَجْبُ، والمَحْرَمِيَّةُ، ووُجوبُ الإنْفاقِ، وثُبوتُ الوِلايةِ له عليه. ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَ؛ لأنَّه جُزْؤُة حَقِيقةً، وقد ثَبَتَ فيه حكمُ تَحْريمِ التَّزْويج، ولهذا لو مَلَكَ وَلَدَه المُخالِفَ له فى الدِّينِ، عَتَق عليه، مع انْتِفاء هذه الأحْكامَ.

١٠٥٣ - مسألة؛ قال: (وَوَلَاءُ الْمُكَاتَبِ والمُدبَّرِ لِسَيِّدهِما إذَا أُعْتِقَا)

هذا قولُ عامَّةِ الفُقَهاء. وبه يقول الشافعىُّ، وأهلُ العراقِ. وحَكَى ابنُ سُرَاقةَ، عن عَمْرِو بن دِينار، وأبى ثَوْرٍ، أنَّه لا وَلاءَ على المُكاتَبِ؛ لأنَّه اشْتَرَى نَفْسَه من سَيِّدِه، فلم يكُنْ له عليه وَلاءٌ، كما لو اشْتَراه أجْنَبِىٌّ فأعْتَقَه. وكان قَتادةُ يقول: مَن لم يَشْتَرِطْ ولاءَ الْمكاتَبِ، فلِمُكاتَبهِ أن يُوالِىَ مَنْ شاء. وقال مكحول: أمَّا الْمكاتَبُ إذا اشْتَرَط ولاءَه مع رَقَبَتِه، فجائِزٌ. ولَنا، أَنَّ السَّيِّدَ هو المُعْتِقُ للمُكاتَبِ؛ لأنَّه يَتْبَعُه بمالِه، ومالُه كسْبُه لِسَيِّدِه، فجَعَلَ ذلك له، ثم باعَه به حتى عَتَقَ، فكان هو المُعْتِقُ، وهو المُعْتِقُ للمُدَبَّرِ بلا إشْكالٍ، وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلاءُ لمن أعْتَقَ" (١). ويدُلُّ على ذلك أَنَّ المُكاتَبِينَ يُدْعَوْنَ مَوَالِى مُكاتِبِيهِم، فيُقال: أبو سَعِيدٍ (٢) مَوْلَى أبى (٣)


(١) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(٢) فى أ: "أبو مسعود".
(٣) فى م: "ابن". خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>