للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب الْقَسامَة

القَسامةُ: مصدرُ أقْسَمَ قَسَمًا وقَسَامةً. ومعناه حَلَفَ حَلِفًا والمرادُ بالقَسامةِ ههُنا الأيْمانُ المُكرَّرةُ في دعَوْى القتْلِ. قال القاضي: هي الأيْمانُ إذا كَثُرتْ على وَجْهِ المُبالغةِ. قال: وأهلُ اللُّغةِ يذهبون إلى أنَّها القومُ الذين يحْلِفون؛ سُمُّوا باسمِ المصدرِ، كما يُقالُ: رَجلٌ زُورٌ وعَدْلٌ ورِضًى. وأيُّ الأمْرَيْنِ كان، فهو من القَسَمِ الذي هُو الحَلِفُ. والأصلُ في القَسامةِ ما روَى يحيى بنُ سعيد الأنْصَارِيُّ، عن بَشِيرِ بنِ يَسَارٍ، عن سَهْلِ بنِ أبي حَثْمَةَ، ورَافِعِ بنِ خَدِيجٍ، أنَّ مُحَيِّصَةَ بنَ مسعودٍ وعبدَ اللهِ بنَ سَهْلٍ انْطلَقا إلى خَيْبَرَ، فتَفَرَّقا في النَّخِيلِ، فقُتِلَ عبدُ اللَّه بنُ سَهْلٍ، فاتَّهَمُوا اليهودَ، فجاءَ أَخُوه عبدُ الرحمنِ، وابْنَا عَمِّهِ حُويِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إلى (١) النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَتَكَلَّمَ عبدُ الرحمنِ في أَمْرِ أَخِيه، وهو أصْغَرُهم. فقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَبِّرِ الْكُبْرَ" (٢). أَوْ قَال: "لِيَبْدَإِ الْأَكْبَرُ". فَتَكَلَّمَا في أَمْرِ صاحِبِهما. فقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فيُدْفَعُ إِلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ" فَقَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْه، كيف نَحْلِفُ؟ قال: "فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ " قالوا: يا رسولَ اللهِ، قومٌ كُفَّارٌ ضُلَّالٌ. قالَ: فوَداهُ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ قِبَلِه. قال سهلٌ: فدخلْتُ مِرْبَدًا لهم، فرَكَضَتْنِي نَاقةٌ مِن تلك الإِبلِ. مُتَّفَقٌ عليه (٣).


(١) سقط من: الأصل، ب.
(٢) أي: قدِّم الأكبر.
(٣) أخرجه البخاري، في: باب إكرام الكبير. . ., من كتاب الأدب، وباب الشهادة على الخط المختوم، وباب كتاب الحاكم إلى عماله. . ., من كتاب الأحكام. صحيح البخاري ٨/ ٤١، ٤٢، ٩/ ٣٩، ٨٣، ٩٣، ٩٤. ومسلم، في: باب القسامة، من كتاب القسامة. صحيح مسلم ٣/ ١٢٩٢ - ١٢٩٥.
كما أخرجه أبو داود، في: باب القتل بالقسامة، من كتاب الديات. سنن أبي داود ٢/ ٤٨٤، ٤٨٥. =

<<  <  ج: ص:  >  >>