للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمَها معه. وإن عَلِمَها أجْنبيَّةً، وأرادَ بالطَّلاقِ زوجتَه، طَلُقَتْ. وإن لم يُرِدْها بالطَّلاقِ، لم تَطْلُقْ.

فصل: وإن لَقِىَ امرأتَه، فظنها أجنبيَّةً، فقال: أنت طالقٌ، أو تَنَحَّىْ يا مُطَلَّقةُ. أو لَقِىَ أمَتَه، فطها أجْنبيَّةً، فقال: أنتِ حُرّةٌ، أو تَنْحَّىْ يا حُرَّةُ. فقال أبو بكرٍ، فى مَن لَقِىَ امْرأةً (١٦)، فقال: تَنَحَّى يا مُطَلَّقةُ، أو يا حُرَّةُ. وهو لا يَعرفُها، فإذا هى زوجتُه أو أمتُه: لا يَقعُ بهما طلاقٌ ولا حُرِّيَّةٌ؛ لأنَّه لم يُرِدْ بهما ذلك، فلم يَقعْ بهما شىءٌ، كسَبْقِ اللِّسانِ إلى ما لم يُرِدْه. ويَحْتَمِلُ أن لا تَعْتِقَ الأمَةُ؛ لأنَّ العادةَ مِن النّاس مُخاطبةُ مَنْ لا يَعرفُها بقوله: يا حُرَّةُ. وتَطْلُقَ الزَّوجةُ؛ لعدمِ العادةِ بالمُخاطبةِ بقوله: يا مُطَلَّقةُ.

فصل: فأمَّا غيرُ الصَّريحِ؛ فلا يَقَعُ الطَّلاقُ به إلَّا بِنِيَّةٍ، أو دَلالةِ حالٍ. وقال مالكٌ: الكناياتُ الظَّاهرةُ، كقوله: أنتِ بائنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وحرامٌ. يَقَعُ بها الطَّلاقُ مِن غير نِيَّةٍ. قال القاضى، فى "الشَّرحِ": وهذا ظاهرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ؛ لأنَّها مُسْتعمَلَةٌ فى الطَّلاقِ فى العُرْفِ، فصارت كالصَّريحِ. ولَنا، أَنَّ هذه كنايةٌ لم تُعْرَفْ بإرادةِ الطَّلاقِ بها، ولا اخْتصَّتْ به، فلم يَقعِ الطَّلاقُ بها بِمُجَرَّدِ اللَّفظِ، كسائرِ الكناياتِ، وإذا ثَبَتَ اعتبارُ النِّيَّةِ، فإنَّها تُعْتبَرُ مُقارِنَةً للَّفظِ، فإن وُجدَتْ فى ابتدائِه، وعَرِيَتْ عنه فى سائرِه، وقعَ الطَّلاقُ. وقال بعضُ أصحاب الشَّافعىِّ: لا يَقعُ، فلو قال: أنت بائنٌ يَنوِى الطَّلاقَ، وعَرِيَتْ نِيَّتُه حين قال: أنت بائنٌ، لا يَقعُ؛ لأنَّ القَدْرَ الذى صاحبَتْه النِّيَّةُ لا يَقعُ به شىءٌ. ولَنا، أن ما تُعتبَرُ له النِّيَّةُ يُكْتَفَى فيه بوُجودِها فى أوَّلِه، كالصلاةِ وسائرِ العباداتِ، فأمَّا إن تَلَفظَ بالكنايةِ غيرَ ناوٍ، ثم نَوَى بها بعدَ ذلك، لم (١٧) يقعْ بها الطَّلاقُ، وكما (١٨) لو نَوَى الطَّهارةَ بالغُسلِ بعدَ فَراغِه منه.


(١٦) فى أ، ب، م: "امرأته".
(١٧) فى ب، م: "فلم".
(١٨) سقطت الواو من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>