للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما وَصَّى له بالمالَ الذى عليه. وإن عَجَزَ، ورُدَّ فى الرِّفِّ، عاد عَبْدًا للوَرَثةِ، وما قَبَضَه (٩) المُوصَى له من المالِ، فهو له؛ لأَنَّه قَبَضَه بحُكْمِ الوَصِيَّةِ الصَّحيحةِ، والأمْرُ فى تَعْجِيزِه إلى الوَرَثةِ؛ لأنَّ الحَقَّ ثَبَتَ (١٠) لهم بتَعْجِيزِه، ويَصِيرُ العبدُ لهم، فكانت الخِيَرَةُ فى ذلك إليهم. وأمَّا المُوصَى له، فإِنَّ حَقَّه ووَصِيَّتَه تَبْطُلُ بتَعْجِيزِه، فلم يَكُنْ له فى ذلك حَقٌّ. وإن وَصَّى بمالِ الكِتابةِ للمَساكِينِ، ووَصَّى إلى رجلٍ بقَبْضِه وتَفْرِيقِه بينَهم، صَحَّ. ومتى سَلَّمَ المالَ إلى الوَصِىِّ (١١)، بَرِئَ، وعَتَقَ. وإن أبْرَأهُ منه لم يَبْرَأْ؛ لأنَّ الحَقَّ لغيرِه. وإن دَفَعَه المُكاتَبُ إلى المَساكِينِ، لم يَبْرَأْ منه، ولم يَعْتِقْ؛ لأنَّ التَّعْيِينَ إلى الوَصِىِّ دُونَه. وإِنْ وَصَّى بِدَفْعِ المالِ إلى غُرَمائِه، تَعَيَّنَ القَضَاءُ منه، كما لو وَصَّى به عَطِيّةً له. فإن كان إنَّما وَصّى (١٢) بقَضَاءِ دُيُونِه مُطْلَقًا، كان على المُكاتَبِ أن يَجْمعَ بينَ الوَرَثةِ والوَصِىِّ بقَضَاءِ الدَّيْنِ، ويَدْفَعَه إليهم بحَضْرَتِه؛ لأنَّ المالَ للوَرَثةِ، ولهم أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ منه ومِن غيرِه، وللوَصِىِّ (١٣) فى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَقٌّ فيه؛ لأنَّ له (١٤) مَنْعَهم من التَّصَرُفِ فى التَّرِكَةِ قبلَ قَضاءِ الدَّيْنِ.

فصل: إذا مات رجلٌ، وخَلَّفَ ابْنَيْنِ وعَبْدًا، فادَّعَى العبدُ أَنَّ سَيِّدَه كاتَبَه، فصَدَّقَاه، ثَبَتَتِ الكِتابةُ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما. وإن أنْكَرَاهُ، وكانت له بَيِّنَةٌ بدَعْواهُ، ثَبَتَتِ الكِتابةُ، وعَتَقَ بالأدَاءِ إليهما. وإن عَجَزَ، فلهما رَدُّه إلى الرِّقِّ. وإِنْ لم يُعَجِّزَاه، وصَبَرَا عليه، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ. وإن عَجَّزَه أحَدُهما، وأُبى الآخَر تَعْجِيزَه، بَقِىَ نِصْفُه على الكِتابةِ، وعاد نِصْفُه الآخَرُ رَقِيقًا. وإن لم تكُنْ له بَيِّنَةٌ، فالقولُ قولُهما مع أَيْمانِهِما؛ لأنَّ الأصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ، وعَدَمُ الكِتابةِ، وتكونُ أَيْمانُهما (١٥) على نَفْىِ العِلْمِ، فيَحْلِفانِ باللَّهِ


(٩) فى م زيادة: "الوصى".
(١٠) فى أ، ب: "يثبت".
(١١) فى ب: "الموصى".
(١٢) فى م: "أوصى".
(١٣) فى ب: "والموصى".
(١٤) فى ب، م: "لهم".
(١٥) فى م: "أيمانهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>