للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه (١٢) كَلْبَهُ، فدَخل الحَرَمَ، ثم خَرَجَ فقَتَلَ الصَّيْدَ فى الحِلِّ، فلا جَزاءَ عليه (١٣). وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْىِ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وحَكَى أبو ثَوْرٍ عن الشَّافِعِىِّ، أنَّ عليه الجَزَاءَ. ولَنا، ما ذَكَرْنَاهُ. قال القاضى: لا يَزِيدُ سَهْمُهُ على نَفْسِه، ولو عَدَا بِنَفْسِه، فسَلَكَ الحَرَمَ فى طَرِيقِه، ثم قَتَلَ صَيْدًا فى الحِلِّ، لم يَكُنْ عليه شىءٌ، فَسَهْمُه أَوْلَى.

فصل: وإن رَمَى من الحِلِّ صَيْدًا فى الحِلِّ، فقَتَلَ صَيْدًا فى الحَرَمِ، فعليه جَزَاؤُه. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ: لا جَزَاءَ عليه. وليس بِصَحِيحٍ؛ لأنَّه قَتَلَ صَيْدًا حَرَمِيًّا، فَلَزِمَهُ جَزَاؤُه، كما لو رَمَى حَجَرًا فى الحَرَمِ فقَتَلَ صَيْدًا، يُحَقِّقُه أنَّ الخَطَأَ كَالعَمْدِ فى وُجُوبِ الجَزاءِ، وهذا لا يَخْرُجُ عن كَوْنِه وَاحِدًا منهما. فأمَّا إن أَرْسَلَ كَلْبَه على صَيْدٍ فى الحِلِّ، فدَخَلَ الكَلْبُ الحَرمَ، فقَتَلَ صَيْدًا آخَرَ، لم يَضْمَنْه. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وأبى ثَوْرٍ، وابْنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه لم يُرْسِل الكَلْبَ على ذلك الصَّيْدِ، وإنَّما دَخَلَ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهِ، فهو كما لو اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِه مِن غير إرْسَالِهِ (١٤). وإنْ أرْسَلَه على صَيْدٍ، فدَخَلَ الصَّيْدُ الحَرَمَ، ودَخَلَ الكَلْبُ خَلْفَه، فَقَتَلَهُ فى الحَرَمِ، فكذلك. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال عَطَاءٌ، وأبو حنيفةَ، وصَاحِبَاهُ: عليه الجَزَاءُ؛ لأنَّه قَتَلَ صَيْدًا حَرَمِيًّا، بإِرْسَالِ كَلْبِه عليه، فَضَمِنَهُ، كما لو قَتَلَهُ بِسَهْمِهِ. واخْتَارَهُ أبو بَكرٍ عبدُ العزيزِ. وحَكَى صَالِحٌ، عن أحمدَ: أنَّه قال: إن كان الصَّيْدُ قَرِيبًا من الحَرَمِ، ضَمِنَه؛ لأنَّه فَرَّطَ بإِرْسَالِه فى مَوْضِعٍ يَظْهَرُ أنَّه يَدْخُلُ الحَرَمَ، وإن كان بَعِيدًا، لم يَضْمَنْ؛ لِعَدَمِ التَّفْرِيطِ. وهذا قولُ مَالِكٍ. ولَنا، أنَّه أرْسَلَ الكَلْبَ على صَيْدٍ


(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى الأصل: "فيه".
(١٤) فى أ، ب، م: "إرسال".

<<  <  ج: ص:  >  >>