للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُخَرَّجُ على هذا الخِتَانُ؛ لما فيه من المَضَرَّةِ. فإذا أُخِذَ الشَّعْرُ جُعِلَ معه في أكْفانِه؛ لأنَّه من المَيِّتِ، فيُسْتَحَبُّ جَعْلُه في أكْفَانِه كأعْضائِه؛ وكذلك كُلُّ ما أُخِذَ من المَيِّتِ من شَعْرٍ أو ظُفْرٍ أو غيرِهما، فإنَّه يُغَسَّلُ ويُجْعَلُ معه في أَكْفانِه كذلك.

فصل: فأمَّا الأظْفارُ [إذا طالتْ] (٤) ففيها رِوَايتانِ: إحْدَاهما، لا تُقْلَمُ. قال أحمدُ: لا تُقْلَمُ أظْفارُه، ويُنَقَّى وَسَخُها. وهو ظَاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ؛ لقولِه: والخِلَالُ يُسْتَعْمَلُ إن احْتِيجَ إليه. والخلالُ يُزالُ به ما تحتَ الأظْفارِ؛ لأنَّ الظُّفْرَ لا يَظْهَرُ كظُهُورِ (٥) الشَّارِبِ، فلا حاجةَ إلى قَصِّهِ. والثانية، يُقَصُّ إذا كان فَاحِشًا. نصَّ عليه؛ لأنَّه من السُّنَّةِ، ولا مَضَرَّةَ فيه، فيُشْرَعُ أخْذُه كالشَّارِبِ. ويُمْكِنُ أن تُحْمَلَ الرِّوَايَةُ الأُولَى على ما إذا لم تكنْ فاحِشَةً. وأمَّا العَانَةُ فظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أنَّها لا تُؤْخَذُ؛ لِتَرْكِهِ ذِكْرَها. وهو قولُ ابنِ سِيرِينَ، ومالكٍ، وأبى حنيفةَ؛ لأنَّه يُحتاجُ في أخْذِها إلى كَشْفِ العَوْرَةِ، ولَمْسِها، وهَتْكِ المَيِّتِ، وذلك مُحَرَّمٌ لا يُفْعَلُ لِغَيْرِ وَاجِبٍ، ولأنَّ العَوْرَةَ مَسْتُورَةٌ يُسْتَغْنَى بِسَتْرِهَا عن إزالَتِها. وَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّ أخْذَها مَسْنُونٌ. وهو قولُ الحسنِ، وبكرِ بنِ عبدِ اللهِ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وإسحاقَ؛ لأنَّ سَعْدَ بنَ أبِى وَقَّاصِ جَزَّ عَانَةَ مَيِّتٍ. ولأنَّه شَعْرٌ إزَالَتُه من السُّنَّةِ، فأشْبَهَ الشَّارِبَ. والأوَّلُ أَوْلَى. ويُفَارِقُ الشَّارِبُ العَانَةَ؛ لأنَّه ظَاهِرٌ يتفَاحَشُ لِرُؤْيَتِه، ولا يحْتاجُ في أخْذِه إلى كَشْفِ العَوْرَةِ ولا مَسِّها. فإذا قُلْنَا بأخْذِها، فإنَّ حَنْبَلًا رَوَى أنَّ أحمدَ سُئِلَ: تَرَى أن تُسْتَعْمَلَ النُّورَةُ؟ قال: المُوسَى، أو مِقْرَاضٌ يُؤْخَذُ به الشَّعْرُ من عَانَتِه. وقال القاضي: تُزالُ بالنُّورَةِ؛ لأنَّه أسْهَلُ، ولا يَمَسُّها. ووَجْهُ قولِ أحمدَ أنَّه فِعْلُ سعدٍ، والنُّورَةُ لا يُؤْمَنُ أنْ تُتْلِفَ جِلْدَ المَيِّتِ.


(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في أ: "ظهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>