للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينْكَسِرُ مِثْلَ الخُفَّيْنِ، إنَّما مَسَحَ القَوْمُ على الجَوْرَبَيْنِ أنَّهُ كان عندهم بِمَنْزِلَةِ الخُفِّ، يقُومُ مَقَامَ الخُفِّ في رِجْلِ الرَّجُلِ، يَذْهَبُ فِيهِ الرَّجُلُ ويَجِىءُ.

٨٦ - مسألة؛ قال: (وإنْ كانَ يَثْبُتُ بالنَّعْلِ مَسَحَ، فإذَا خلَعَ النَّعْلَ انْتَقَضَتِ الطَّهَارَةُ).

يَعْنِى أنَّ الجَوْرَبَ إذا لم يَثْبُتْ بنَفْسِهِ، وثَبَتَ بِلُبْسِ النَّعْلِ، أُبِيحَ المَسْحُ عليه، وتَنْتَقِضُ الطَّهَارَةُ بِخَلْعِ النَّعْلِ؛ لأنَّ ثُبُوتَ الجَوْرَبِ أحَدُ شَرْطَىْ جَوَازِ المَسْحِ، وإنَّما حَصَلَ بِلُبْسِ النَّعْلِ، فإذا خَلَعَها زَالَ الشَّرْطُ، فبَطَلَت الطَّهَارَةُ. كما لو ظَهَرَ القَدَمُ. والأَصْلُ في هذا حَدِيثُ المُغِيرَةِ.

وقَوْلُه: "مَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَيْنِ". قال القاضي: ويَمْسَحُ على الجَوْرَبِ والنَّعْلِ، كما جَاءَ الحَدِيثُ. والظَّاهِرُ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّمَا مَسَحَ على سُيُورِ النَّعْلِ التي على ظَاهِرِ القَدَمِ، فأَمَّا أَسْفَلُهُ وعَقِبُه فلا يُسَنُّ مَسْحُهُ مِنَ الخُفِّ، فكذلك مِنَ النَّعْلِ.

٨٧ - مسألة؛ قال: (وإذَا كَانَ في الخُفِّ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ القَدَمِ، لَمْ يَجُزِ المَسْحُ عَلَيْهِ)

وجُمْلَتُه أنَّه إنَّمَا يَجُوزُ المَسْحُ على الخُفِّ ونَحْوِه، إذا كان سَاتِرًا لِمحلِّ الفَرْضِ، فإنْ ظَهَرَ مِن مَحَلِّ الفَرْضِ شيءٌ، لم يَجُزِ المَسْحُ، وإنْ كان يَسِيرًا مِنْ مَوْضِعِ الخَرْزِ أو مِنْ غيرِه، إذا كان يُرَى مِنه القَدَمُ. وإنْ كان فيه شَقٌّ يَنْضَمُّ ولا يَبْدُو مِنْهُ القَدَمُ، لم يَمْنَعْ جَوَازَ المَسْحِ. نَصَّ عليه أحمدُ (١). وهو مَذْهَبُ مَعْمَرٍ (٢)، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال الثَّوْرِيُّ، ويَزِيدُ بنُ هارُون، وإسحاق، وابْنُ المُنْذِر: يَجُوزُ المَسْحُ على كُلِّ خُفٍّ. وقال الأَوْزَاعِىُّ: يَمْسَحُ على الخُفِّ المُخَرَّقِ، وعلى مَا ظَهَرَ مِن رِجْلِه. وقال أبو حنِيفةَ: إنْ تَخَرَّقَ قَدْرَ ثَلَاثِ أصَابِعَ، لم يَجُزْ، وإنْ كانَ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أبو عروة معمر بن راشد الأزدى البصري، سكن اليمن، وهو من أقران سفيان بن عيينة وعبد اللَّه بن المبارك، توفى سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين ومائة. تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٤٣ - ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>