للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُئلَ أبو موسى عن ابنةٍ، وابنةِ ابنٍ، وأُختٍ، فقالَ: لِلابْنَةِ (٥) النِّصفُ، وما بَقِىَ فللأُختِ. فأتَى ابنَ مَسْعودٍ، وأخْبَره بقولِ أبى موسى، فقال: {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (٦)، ولكنْ أقْضِى فيها بقَضاءِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ للابْنَةِ (٥) النِّصفُ، ولابنةِ الابنِ السُّدسُ، تَكْمِلةُ الثُّلثيْنِ، وما بَقِىَ فللأُختِ. فأتَيْنا أبا موسَى، فأخبرْناه بقولِ ابنِ مَسْعودٍ، فقالَ: لَا تَسْأَلُونِى عَن شَىءٍ ما دامَ هذا (٧) الحَبْرُ فيكم. مُتَّفقٌ عليه بنَحوٍ مِن هذا المعنى (٨). الحكمُ الثالثُ، إذا كانَ مع بَناتِ الابنِ ذَكَر في دَرَجتِهِنَّ فإنَّه يُعَصِّبَهُنَّ فيما بَقِىَ، للذَّكرِ مِثلُ حظِّ الأُنْثَيَيْنِ، في قولِ جُمهورِ الفُقَهاءِ مِن الصَّحابةِ ومَن بَعدَهم، إلَّا ابنَ مَسْعودٍ في مَن تابعَه، فإنَّه خالفَ الصَّحابةَ فيها. وهذه المسألةُ الثانيَةُ التي انْفرَدَ فيها عن الصَّحابةِ، فقال: لبَناتِ الابنِ الأضَرُّ بهِنَّ مِن المُقاسَمَةِ أو السُّدُسُ، فإن كانَ السدسُ أقلَّ ممَّا يَحْصُلُ لهنَّ بالمُقاسَمةِ، فَرضَه لهُنَّ، وأَعْطَى الباقىَ للذَّكرِ، وإن كانَ الحاصلُ لَهُنَّ بالمُقاسمةِ أقَلَّ، قاسَمَ بِهِنَّ. وبَنى ذلك على أصلِه في أنَّ بنتَ الابْنِ لا يُعَصِّبُها أخوها إذا اسْتَكْمَلَ البناتُ الثُّلُثينِ، إلَّا أنَّه ناقصٌ (٩) في المُقاسَمةِ إذا كانَ أضرَّ بِهِنَّ، وكان يَنبغِى أن يُعطيَهنَّ السُّدسَ على كلِّ حالٍ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (١٠). ولأنَّه يُقاسِمُها لو لم يَكُنْ غيرَهما، فقاسَمها مع بِنْتِ الصُّلْبِ، كما لو كانَتِ المُقاسَمةُ أضرَّ بهنَّ. وأصلُه الذي بنَى عليه فاسِدٌ، كما قَدَّمْنا.

فصل: وحُكمُ بنَاتِ ابن الابنِ مع بَناتِ الابنِ، حُكمُ بَناتِ الابنِ مع بَناتِ الصُّلْبِ، في جَميعِ ما ذَكرْنا في هاتينِ المسْأَلتيْنِ، وفى أنَّه متى اسْتَكْمَلَ مَن فوقَ السُّفلى الثُّلُثَيْنِ،


(٥) في م: "للبنت".
(٦) سورة الأنعام ٥٦.
(٧) سقط من: م.
(٨) تقدم تخريجه في صفحة ١٠.
(٩) لعل الصواب: "ناقض".
(١٠) سورة النساء ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>