للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُفَسَاءَ، ولو كان واجِبًا لأمَرَ به غَيْرَهما (١٠)، ولأنَّه لأمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، فأشْبَهَ غُسْلَ الجُمُعَةِ.

فصل: فإن لم يَجِدْ ماءً، لم يُسَنَّ له التَّيَمُّمُ. وقال القاضي: يَتَيَمَّمُ؛ لأنَّه غُسْلٌ مَشْرُوعٌ، فنابَ عنه التَّيَمُّمُ، كالواجِبِ. ولَنا، أنَّه غُسْلٌ مَسْنُونٌ، فلم يُسْتَحَبَّ التَّيَمُّمُ عندَ عَدَمِه، كغُسْلِ الجُمُعَةِ، وما ذَكَرَهُ مُنْتَقِضٌ بِغُسْلِ الجُمُعَةِ ونَحْوِه من الأغْسَالِ المَسْنُوَنَةِ، والفَرْقُ بين الواجِبِ والمَسْنُونِ، أنَّ الوَاجِبَ يُرَادُ لإِبَاحَةِ الصلاةِ، والتَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَه في ذلك، والمَسْنُونَ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وقَطْعِ الرَّائِحَةِ، والتَّيَمُّمُ لا يُحَصِّل هذا، بل يَزِيدُ شَعَثًا وتَغْبِيرًا، ولذلك افْتَرَقَا في الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، فلم يُشْرَعْ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، ولا تَكْرَارُ المَسْحِ به.

فصل: ويُسْتَحَبُّ التَّنَظُّفُ بإزَالَةِ الشَّعَثِ، وقَطْعِ الرَّائِحَةِ، ونَتْفِ الْإِبِطِ، وقَصِّ الشَّارِبِ، وقَلْمِ الأظْفَارِ، وحَلْقِ العَانَةِ؛ لأنَّه أمْرٌ يُسَنُّ له الاغْتِسَالُ والطِّيبُ، فسُنَّ (١١) له هذا كالجُمُعَةِ، ولأنَّ الإِحْرَامَ يَمْنَعُ قَطْعَ الشَّعْرِ وقَلْمَ الأَظْفَارِ، فاسْتُحِبَّ فِعْلُه قبلَه؛ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إليه في إحْرَامِه، فلا يَتَمَكَّنُ منه.

٥٥٥ - مسألة؛ قال: (ويَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ نَظِيفَيْنِ)

يعني إزَارًا ورِدَاءً، فإنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ولْيُحْرِمْ أحَدُكُمْ فِي إزَارٍ ورِدَاءٍ ونَعْلَيْنِ" (١). قال ابنُ المُنْذِرِ: ثَبَتَ ذلك عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وثَبَتَ أيضًا أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذَا لَمْ يَجِدْ إزَارًا، فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، وَإِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ" (٢). ولأنَّ المُحْرِمَ مَمْنُوعٌ من لُبْسِ المَخِيطِ في شيءٍ من بَدَنِه،


(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) في م: "فمن" خطأ.
(١) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٤.
(٢) أخرجه البخاري، في: باب من أجاب السائل. . .، من كتاب العلم، وفي: باب الصلاة في القميص =

<<  <  ج: ص:  >  >>