للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخُوفًا، فَقَطْعُها مَخُوفٌ، وإن كان مَنْ قُطِعَتْ منه صَبِيًّا أو مجنونًا، وقَطَعَها أَجْنَبِىٌّ، فعليه القِصَاصُ؛ لأنَّه لا وِلايةَ له عليه، وإن قَطَعَها وَلِيُّه، وهو الأبُ، أو وَصِيُّه، أو الحاكِمُ، أو أمينُه المُتوَلِّى عليه، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه قَصَدَ مَصلحتَه، وله النَّظَرُ في مصالِحِه، فكانَ فِعْلُه مأمورًا به، فلم يَضْمَن ما تَلِفَ به، كما لو خَتَنَه فماتَ، والسِّلْعَةُ: غُدَّةٌ بينَ اللحمِ (٢٨) والجِلْدِ، تظهرُ في البَدِنِ، كالجَوْزَةِ، وتكونُ (٢٩) في الرأسِ والبدنِ، وهى بكسرِ السين. والسَّلْعَةُ؛ بفتحِ السِّينِ: الشَّجَّةُ.

فصل: وإذا خَتَنَ الوَلِىُّ الصَّبِىَّ في وقتٍ مُعْتدِلٍ في الحَرِّ والبَرْدِ، لم يَلْزَمْه ضَمانٌ إن تَلِفَ به؛ لأنَّه فِعْلٌ مأمورٌ به في الشَّرْعِ، فلم يَضْمَنْ ما تَلِفَ به، كالقَطْعِ في السَّرِقَةِ. وإن كان رجلًا أو امرأةً لم يَخْتَتِنَا، فأمرَ السلطانُ بهما فخُتِنَا، فإن كان مِمَّن زَعَمَ الأطبَّاءُ أنَّه يَتْلَفُ بالخِتانِ، أو الغالِبُ تَلَفُه به، فعليه الضَّمَانُ؛ لأنَّه ليس له ذلك فيهما، وإن كان الأغلَبُ السَّلامَةَ، فلا ضمانَ عليه، إذا كان في زمنٍ مُعْتدِلٍ، ليس بمُفْرِطِ الحَرِّ والبردِ. وبهذا قالَ الشَّافِعِىُّ. وزَعَمَ أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، أنَّه ليس بواجبٍ؛ لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "الخِتَانُ سُنَّةٌ في الرِّجَالِ، وَمَكْرُمَةٌ في النِّسَاءِ" (٣٠). ولَنا، أنَّه قَطْعُ عُضْوٍ صحيحٍ من البَدَنِ، يتألَّمُ بقَطْعِه، فلم يَقْطَعْ إلَّا واجبًا، كاليَدِ والرِّجْلِ، ولأنَّه يجوزُ كشْفُ العورةِ من أجْلِه، ولو لم يكُنْ واجبًا ما جازَ ارْتكابُ المُحرَّمِ من أجلِه. فأمَّا الخبرُ فقد قِيل: هو ضَعِيفٌ. وعلى أنَّ الواجِبَ يُسَمَّى سُنَّةً، فإنَّ السُّنَّةَ ما رُسِمَ ليُحْتَذَى، ولا يجبُ إلَّا بعدَ البلوغِ، فإن لم يفْعَلْه، وإلَّا أجْبَرَه الحاكِمُ عليه.

فصل: إذا أمرَ السلطانُ إنسانًا بصُعودٍ (٣١) في سُورٍ، أو نُزولٍ في بئرٍ، أو نحوِه،


(٢٨) في م: "واللحم".
(٢٩) سقطت الواو من: الأصل.
(٣٠) أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في الختان، من كتاب الأدب. سنن أبي داود ٢/ ٦٥٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٧٥.
(٣١) في م: "بالصعود".

<<  <  ج: ص:  >  >>