للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن رَضِىَ الأبُ بذلك لم يَجُزْ، لأنَّ الضررَ يَلْحَقُ بغيرِه، وهو الوَلَدُ، ولذلك لم يكُنْ للمُوسِرِ أن يتزوَّجَ أمَةً. وإذا زَوّجَه زوجةً أو مَلّكَه أمةً، فعليه نفقَتُه ونفقَتُها. ومتى أيْسَرَ الأبُ، لم يكُنْ للوَلَدِ اسْتِرْجاعُ ما دَفَعَه إليه، ولا عِوَضُ ما زَوَّجَه به؛ لأنَّه دَفَعَه إليه في حالِ وُجُوبه عليه، فلم يَمْلِك اسْتِرجاعَه، كالزَّكاةِ. وإن زَوّجَه أو مَلَّكَه أمةً (٤١) فطَلَّقَ الزَّوجةَ أو أعْتَقَ الأمَةَ، لم يكُنْ عليه (٤٢) أن يُزَوِّجَه أو يُمَلِّكَه ثانيًا؛ لأنَّه فَوَّتَ ذلك على نَفْسِه. وإن ماتَتَا، فعليه إعْفافُه ثانيًا؛ لأنَّه لا صُنْعَ له في ذلك.

فصل: قال أصحابُنا: وعلى الأبِ إعْفافُ ابْنِه إذا كانت عليه نفَقَتُه، وكان مُحْتاجًا إلى إعْفافِه. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعىِّ. وقال بعضُهم: لا يَجِبُ ذلك عليه. ولَنا، أنَّه من عَمُودَىْ نَسَبِه، وتَلْزَمُه نفَقَتُه، فَلزِمَه (٤٣) إعْفافُه عندَ حاجَتِه إليه، كأبِيه. قال القاضي: وكذلك يجىءُ في كلِّ مَنْ لَزِمَتْه نفَقَتُه؛ من أخٍ، أو عَمٍّ (٤٤)، أو غيرِهم؛ لأنَّ أحمدَ قد نَصَّ في العَبْدِ: يَلْزَمُه أن يُزَوِّجَه إذا طَلَبَ ذلك، وإلَّا بِيعَ عليه. وكلُّ من لَزِمَه إعْفافُه، لَزِمَتْه نَفقةُ زَوْجَتِه؛ لأنَّه لا يتَمَكَّنُ من الإِعْفافِ إلَّا بذلك. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه لا يَلْزَمُ الأبَ نَفَقةُ زَوْجةِ الابْنِ. وهذا محمولٌ على أن الابْنَ كان يَجِدُ نفَقَتَها.

١٣٨٣ - مسألة؛ قال: (وَكَذلِكَ الصَّبِىُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أبٌ، أُجْبِرَ وَارِثُهُ عَلَى نَفَقَتِهِ، عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ مِنْهُ)

ظاهرُ المذهبِ أنَّ النَّفقةَ تجبُ على كلِّ وارثٍ لمَوْرُوثِه، إذا اجْتمَعتِ الشُّروطُ التي تقَدَّمَ [ذكْرُنا لها] (١). وبه قال الحسنُ، ومُجاهِدٌ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادةُ، والحسنُ


(٤١) سقط من: الأصل.
(٤٢) في الأصل: "له".
(٤٣) في ب، م: "فيلزمه".
(٤٤) في الأصل، ب، م: "وعم".
(١) في ب: "ذكرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>