للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تَوْرٍ مِن صُفْرٍ، فتَوَضَّأَ. مُتَّفَقٌ عليه، (١٥) وروَى أبو داود، في "سُنَنِه"، (١٦) عن عائشة، قالت: كنتُ أغْتَسِلُ أنا ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ (١٧). ولأن الأصْلَ الحِلُّ، فيَبْقَى عليه.

ولا يصِحُّ قياسُه علَى الأثْمانِ؛ لوَجْهَيْن:

أحدهما، أن هذا لا يعرفهُ إلَّا خَوَاصُّ الناسِ، فلا تنْكَسِرُ قلوبُ الفقراءِ باسْتعمالِه، بخلافِ الأثْمان.

والثانى، أن هذه الجواهِرَ لِقِلَّتِها لا يحصُل اتِّخاذُ الآنِيَةِ منها إلَّا نادرًا، فلا تُفْضِى إباحتُها إلى اتِّخاذِها واسْتعمالِها، وتَعلُّقُ التحريمِ بالأثْمانِ التي هي واقعةٌ في مَظِنَّةِ الكَثْرةِ، فلم يتجَاوَزْه، كما تعَلَّقَ حكمُ التحريمِ في اللِّباسِ بالحريرِ، وجاز استعمالُ القَصَبِ مِن الثياب، وإن زادتْ قيمتهُ علَى قيمةِ الحرير، ولو (١٨) جعَل فَصَّ خاتِمهِ جَوْهرةً ثمينةً جاز، وخاتِمُ الذَّهبِ حَرامٌ، ولو جعَل فَصَّهُ ذهبًا كان حَرامًا، وإن قلَّتْ قِيمَتُه.

١٣ - مسألة، قال: (وَصُوفُ الْمَيْتَةِ وَشَعَرُها طَاهِرٌ). يعني: شَعَرَ ما كان طاهِرًا في حياتِه وصُوفَه، ورُوِىَ ذلك عن الحسن، وابن سِيرِينَ، وأصْحابِ عبد اللَّه، قالوا: إذا غُسِلَ. وبه قال مالك، واللَّيْثُ بن سعد، والأَوزَاعِىُّ، وإسحاق، وابن الْمُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ.


(١٥) أخرجه البخاري، في: باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري ١/ ٦١. وأبو داود، في: باب الوضوء بالصفر، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٥٩. وأبو داود، في: باب الوضوء في آنية الصفر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٣.
وأخرجه مسلم، في: باب صفة وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الطهارة، عن عبد اللَّه بن زيد، ولم يذكر فيه تورا من صفر. صحيح مسلم ١/ ٢١٠، ٢١١.
(١٦) في: باب الوضوء في آنية الصفر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٢.
(١٧) الشبه من المعادن: ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع الصُّفر.
(١٨) في م: "ولأنه لو".

<<  <  ج: ص:  >  >>