البَنْجَ ونحوَه ممَّا يُزيلُ عَقْلَه، عالِمًا به، مُتَلاعِبًا، فحُكْمُه حُكْمُ السَّكرانِ فى طَلاقِه. وبهذا قال أصحابُ الشَّافعىِّ، وقال أصحابُ أبى حنيفةَ: لا يَقَعُ طلاقُه؛ لأنَّه لا يَلتذُّ بِشُرْبِها. ولَنا، أنَّه زالَ عقلُه بمَعْصِيَةٍ، فأشْبَهَ السَّكرانَ.
فصل: قال أحمدُ، فى المُغْمَى عليه إذا طلَّقَ، فلمَّا أفاقَ عَلِمَ أنَّه كان مُغْمًى عليه، وهو ذاكرٌ لذلك، فقال: إذا كان ذاكِرًا لذلك، فليس هو مُغْمًى عليه، يَجوزُ طلاقُه. وقال، فى روايةِ أبى طالبٍ، فى المجنونِ يُطَلِّقُ، فقيل له بعدَ ما أفاقَ: إنَّك طَلَّقْتَ امرأتُك. فقال: أنا أذكُرُ أنِّى طَلَّقْتُ، ولم يَكُنْ عقلى معى. فقال: إذا كان يَذكُرُ أنَّه طلَّقَ، فقد طَلُقَتْ. فلم يَجْعلْه مجنونًا إذا كان يذَكُرُ الطَّلاقَ، ويَعلمُ به. وهذا، واللَّهُ أعلمُ، فى مَن جُنونُه بِذَهابِ معرفتِه بالكُلِّيَّةِ، وبُطْلانِ حَواسِّه، فأمَّا مَن كان جنونُه لنشافٍ أو كان مُبَرْسَمًا، فإنَّه يَسقطُ حُكمُ تَصَرُّفِه، مع أَنَّ معرفتَه غيرُ ذاهبةٍ بالكُلِّيَّةِ، فلا يَضُرُّه ذكْرُه للطَّلاقِ، إن شاءَ اللَّه تعالى.