المَعْقُودِ عليه بدُونِ هذه الكُلْفَةِ. وإن كان قَوِيًّا حالَ العَقْدِ، فضَعُفَ في أثْنائه، أو ضَعِيفًا فقَوِىَ، فالاعْتِبارُ بحالِ الرُّكُوبِ؛ لأنَّ العَقْدَ اقْتَضَى رُكُوبَه بِحَسَبِ العادَةِ. ويَلْزَمُ الجَمّالَ أن يَقِفَ البَعِيرَ لِيَنْزِلَ لِصَلَاةِ الفَرِيضَةِ، وقَضَاءِ حاجةِ الإِنْسانِ، وطَهَارَتِه، ويَدَعَ البَعِيرَ واقِفًا حتى يَفْعَلَ ذلك؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه فِعْلُ شيءٍ من هذا على ظَهْرِ البَعِيرِ، وما أمْكَنَه فِعْلُه عليه من الأَكْلِ والشُّرْبِ وصَلَاةِ النَّافِلَةِ من السُّنَنِ وغيرِها، لم يَلْزَمْهُ أن يُبْرِكَه له، ولا يَقِفَ عليه من أجْلِه. وإن أرادَ المُكْتَرِى إتْمامَ الصَّلَاةِ، وطَالَبَه الجَمّالُ بِقَصْرِهَا، لم يَلْزَمْهُ ذلك؛ بل تكونُ خَفِيفَةً في تَمَامٍ. ومن اكْتَرَى بَعِيرًا لإِنْسانٍ يَرْكَبُه لِنَفْسِه، وسَلَّمَهُ إليه، لم يَلْزَمْهُ سِوَى ذلك؛ لأنَّه وَفَّى له بما عَقَدَ عليه، فلم يَلْزَمْهُ شيءٌ سِوَاهُ.
فصل: وإذا اكْتَرَى ظَهْرًا في طَرِيقٍ العادَةُ فيه النُّزولُ والمَشْىُ عند اقْتِرَابِ المَنْزَلِ، والمُكْتَرِى امْرَأةٌ أو ضَعِيفٌ، لم يَلْزَمْه النُّزُولُ؛ لأنَّه اكْتَرَاه جَمِيعَ الطَّرِيقِ، ولم تَجْرِ له عادَةٌ بالمَشْىِ، فلَزِمَ حَمْلُه في جَمِيعِ الطَّرِيقِ، كالمَتَاعِ. [وإن كان جَلْدًا قَوِيًا، ففيه وَجْهَانِ؛ أحدُهما، لا يَلْزَمُه النُّزُولُ](١٩) أيضًا؛ لأنَّه عَقَدَ على [جَمِيعِ الطَّرِيقِ](١٩)، فلا يَلْزَمُه تَرْكُه في بعضِها كالضَّعِيفِ. والثاني، يَلْزَمُه؛ لأنَّه مُتَعَارَفٌ، والمُتَعَارَفُ كالمَشْرُوطِ.
فصل: وإن هَرَبَ الجَمَّالُ في بعض الطَّرِيقِ، أو قبلَ الدُّخُولِ فيها، لم يَخْلُ من حالَيْنِ؛ أحدهما، أن يَهْرُبَ بِجِمَالِه، فيُنْظَرُ؛ فإن لم يَجِد المُسْتَأْجِرُ حاكِمًا، أو وَجَدَ حاكِمًا ولم يُمْكِنْ إثْباتُ الحالِ عندَه، أو أمْكَنَ الإِثْباتُ عندَه ولا يَحْصُلُ له ما يَكْتَرِى به ما يَسْتَوْفِى حَقَّهُ منه، فلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الإِجَارَةِ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ عليه قَبْضُ المَعْقُودِ عليه، فأشْبَهَ ما لو أفْلَسَ المُشْتَرِى، أو انْقَطَعَ المُسْلَمُ فيه عندَ مَحلِّه. فإن فَسَخَ العَقْدَ، وكان الجَمَّالُ قد قَبَضَ الأَجْرَ، كان دَيْنًا في ذِمَّتِه، وإن اخْتَارَ المُقَامَ على