للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُفَارِقُ الإِقْرَارُ البَيِّنَةَ لِوَجْهَيْنِ؛ أحَدهما، أنَّ العادَةَ جَارِيَةٌ بالإِقْرَارِ (٦) بالقَبْضِ قبلَه (٧)، ولم تَجْرِ العادَةُ بالشَّهَادَةِ على القَبْضِ قبلَه؛ لأنَّها تكونُ شَهَادَةَ زُورٍ. والثانى، أنَّ إنْكَارَهُ مع الشَّهَادَةِ طَعْنٌ في البَيِّنَةِ، وتَكْذِيبٌ لها، وفى الإِقْرَارِ بِخِلَافِه. ولم يَذْكُر القاضي في "المُجَرَّدِ" غيرَ هذا الوَجْهِ. وكذلك لو أقَرَّ أنَّه اقْتَرَضَ منه أَلْفًا وقَبَضَها، أو قال: له عَلَىَّ أَلْفٌ. ثم قال: ما كنتُ قَبَضْتُها، وإنَّما أَقْرَرْتُ لأَقْبِضَها. فالحُكْمُ كذلك. ولأنَّه يُمْكِنُ أن يكونَ قد أقَرَّ بِقَبْضِ ذلك بِنَاءً على قولِ وَكِيلِه وظَنِّه، والشَّهَادَةُ لا تجوزُ إلَّا على اليَقِينِ. فأمَّا إن أقَرَّ أنَّه وَهَبَهُ طَعَامًا، ثم قال: ما أقْبَضْتُكَه. وقال المُتَّهِبُ: بل أَقْبَضْتَنِيه. فالقولُ قولُ الواهِبِ؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ القَبْضِ. وإن كانت في يَدِ المُتَّهِبِ، فقال: أَقْبَضْتَنِيها. فقال: بل أَخْذْتَها منِّى بغيرِ إِذْنِى. فالقولُ قولُ الواهِبِ أيضًا؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الإِذْنِ. وإن كانت حين الهِبَةِ في يَدِ المُتَّهِبِ، لم يُعْتَبَرْ إِذْنُ الواهِبِ، وإنَّما يُعْتَبَرُ مُضِىُّ مُدَّةٍ يتَأَتَّى القَبْضُ فيها. وعلى مَن قُلْنا: القَوْلُ قَوْلُه. منهما (٦) اليَمِينُ؛ لما ذَكَرْنَا.

٨٥٩ - مسألة؛ قال: (وَالْإِقْرَارُ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، كَالإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ، إذَا كَان لِغَيْرِ وارِثٍ)

هذا ظاهِرُ المَذْهَبِ. وهو قولُ أَكْثَر أهْلِ العِلْمِ، قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، على أنَّ إِقْرَارَ المَرِيضِ في مَرَضِه لغيرِ الوارِثِ جائِزٌ. وحكى أصْحَابُنا رِوَايةً أُخْرَى؛ أنَّه [لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه إِقْرَارٌ في مَرَضِ المَوْتِ، أشْبَه الإِقْرَارَ لِوَارِثٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوَايَةٌ أُخْرَى أنَّه] (١) لا يُقْبَلُ إِقْرَارُه بِزِيَادَةٍ على الثُّلُثِ؛


(٦) سقط من: ب.
(٧) سقط من: م.
(١) سقط من: الأصل. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>