للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تَكْفُلِى وَلَدِى. أو: تَهبِينِى دَارَكِ. أو: حتى يَبِيعَنِى أبوكِ دَارَه. أو: نحو (٣٥) ذلك. فهذا إِيلاءٌ؛ لأَنَّ أخْذَه لِمَالِها أو مالِ غيرِها مِن غيرِ رِضىَ صاحِبِه مُحَرَّمٌ، فجَرَى مَجْرَى شُرْبِ الخَمْرِ. وإِنْ قال: واللَّهِ لا أَطَأُكِ حتى أُعْطِيَكِ مالًا. أو: أفْعَلَ فى حَقِّكِ جَمِيلًا. لم يكنْ إيلاءً؛ لأنَّ فِعْلَه لذلك ليس بِمُحَرَّمٍ ولا مُمْتَنِعٍ، فجرَى مَجْرَى قَوْلِه: حتى أصومَ يَوْمًا.

فصل: وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ إلَّا برِضاكِ. لم يكنْ مُولِيًا؛ لأنَّهُ يُمْكِنُه وَطْأُها بغيرِ حِنْثٍ، ولأَنَّهُ مُحْسِنٌ فى كَوْنِه ألْزَمَ نَفْسَه اجْتنابَ سَخَطِها. وعلى قِياسِ ذلك كُلُّ حالٍ يُمْكِنُه الوَطْءُ فيها بغيرِ حِنْثٍ، كقوْلِه: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ مُكْرَهَةً، أَوْ مَحْزُونَةً. ونحو ذلك، فإنَّه لا يكونُ مُولِيًا. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ مَرِيضَةً. لم يكنْ مُولِيًا لذلك، إلَّا أَنْ يكونَ بها مَرَضٌ لا يُرْجَى بُرْؤُه، أو لا يَزُولُ فى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فيَنْبَغِى أَنْ يكونَ مُولِيًا؛ لأنَّه حالِفٌ على تَرْكِ وَطْئِها أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فإِنْ قال ذلك لها وهى صَحِيحَةٌ، فمَرِضَتْ مَرَضًا يُمْكِنُ بُرْؤُه قبلَ أَرْبَعَةِ أشْهُرٍ، لم يَصِرْ مُولِيًا، وإِنْ لم يُرْجَ بُرْؤُه فيها، صارَ مُولِيًا. وكذلك إنْ كان الغالِبُ أنَّه لا يَزُولُ فى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، صارَ مُولِيًا؛ لأنَّ ذلك بمَنْزِلَةِ ما لا يُرْجَى زَوَالُه. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ حائِضًا. ولا نُفَساءَ، ولا مُحْرِمَةً، ولا صائِمَةً. ونحو هذا، لم يكنْ مُولِيًا؛ لأنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ مَمْنُوعٌ منه شَرْعًا، فقد أكَّدَ مَنْعَ نَفْسِه منه بيَمِينِه. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ طاهِرًا. أو: لا وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُباحًا. صارَ مُولِيًا؛ لأنَّه حالِفٌ على تَرْكِ الوَطْءِ الَّذِى يُطالَبُ به فى الفَيْئَةِ، فكان مُولِيًا، كما لو قال: واللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ فى قُبُلِكِ. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ لَيْلًا. أو: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ نَهارًا. لم يكنْ مُولِيًا؛ لأنَّ الوَطْءَ يُمْكِنُ بدُونِ الحِنْثِ. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ فى هذه البَلْدَةِ. أو: فى هذا البَيْتِ. أو نحو ذلك مِن الْأَمكِنَةِ المُعَيَّنَةِ، لم يكنْ مُولِيًا. وهذا قولُ الثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، والشَّافِعىِّ، والنُّعْمَانِ، وصاحِبَيْهِ. وقال ابنُ أبى لَيْلَى، وإسْحاقُ: هو


(٣٥) فى أ: "ونحو".

<<  <  ج: ص:  >  >>