للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُغِيرةِ بن شُعْبةَ، أنَّه اسْتَأْذَنَ أبَوَيْها فى النَّظَر إليها، فكَرِهَا، فأذِنَتْ له المرأةُ. روَاه سعيدٌ (٤). ولا يجوزُ له الخَلْوةُ بها؛ لأنَّها (٥) مُحَرَّمةٌ، ولم يَرِدِ الشرعُ بغيرِ النظرِ، فبَقِيَتْ على التَّحْرِيمِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ مع الخَلْوةِ مُوَاقعةُ المَحْظُورِ، فإنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ، فَإنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" (٦). ولا يَنْظُرُ إليها نظَرَ (٧) تَلَذُّذٍ وشَهْوةٍ، ولا لرِيبَةٍ. قال أحمدُ، فى رِوايةِ صالحٍ: يَنْظُرُ إلى الوَجْهِ، ولا يكونُ عن (٨) طريقِ لَذَّةٍ. وله أن يُرَدِّدَ النظرَ إليها، ويتأمَّلَ مَحاسِنَها؛ لأنَّ المقصودَ لا يَحْصُلُ إلَّا بذلك.

فصل: ولا خِلافَ بين أهلِ العلمِ فى إباحةِ النَّظَرِ إلى وَجْهِها، وذلك لأنَّه ليس بعَوْرةٍ، وهو مَجْمَعُ الْمَحاسنِ، ومَوْضِعُ النظرِ. ولا يُباحُ له النَّظَرُ إلى ما لا يَظْهَرُ عادةً. وحُكِىَ عن الأَوْزَاعىِّ أنَّه يَنْظُرُ إلى مواضِعِ اللَّحْمِ. وعن داودَ أنَّه يَنْظُرُ إلى جَمِيعِها؛ لظاهرِ قولِه عليه السلام: "انْظُرْ إلَيْهَا". ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (٩). ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: الوَجْهُ، وباطِنُ (١٠) الكَفِّ. ولأنَّ النَّظَرَ مُحَرَّمٌ أُبِيحَ للحاجةِ، فيَخْتَصُّ بما تَدْعُو الحاجةُ إليه، وهو ما ذكَرْنا، والحديثُ مُطْلَقٌ، ومن نَظَرَ (١١) إلى وَجْهِ إنسانٍ سُمِّىَ ناظِرًا إليه، ومَنْ رآه وعليه أثْوابُه سُمِّى رائِيًا له، كما قال اللَّهُ تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} (١٢). {وَإِذَا


(٤) فى: باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، سنن سعيد بن منصور ١/ ١٤٦.
(٥) فى الأصل زيادة: "كانت".
(٦) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى كراهية الدخول على المغيبات، من أبواب الرضاع، وفى: باب ما جاء فى لزوم الجماعة، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى ٥/ ١٢١، ٩/ ٩. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٨، ٢٦، ٣/ ٣٣٩، ٤٤٦.
(٧) فى م: "نظرة".
(٨) فى أ، ب: "على".
(٩) سورة النور ٣١.
(١٠) فى ب، م: "وبطن".
(١١) فى ب، م: "ينظر".
(١٢) سورة المنافقون ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>