للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا (٢٩) شهِدَ شاهِدَا فَرْعٍ على شاهِدَىْ أصْل، فحَكمَ الحاكمُ بشهادتِهما، ثم رجَعَ شاهِدَا الفَرْعِ، فعليهما الضَّمانُ. لا أعْلمُ بينهم فى ذلك خلافًا. وإن رجعَ شاهِدَا الأَصْلِ وَحْدَهما، لَزِمَهما الضَّمانُ أيضًا. وبه قال الشافعىُّ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. وحكَى أبو الخَطَّابِ، عن القاضى، أنَّه لا ضَمانَ عليهما. وهو قولُ أبى حنيفةَ، وأبى يوسفَ؛ لأنَّ الحُكمَ تعلَّقَ بشَهادَةِ شاهِدَىِ الفَرْع، بدليلِ أنَّهما جعَلا شهادةَ شاهِدَىِ الأصلِ شهادةً، لم يَلْزَمْ شاهِدَىِ الأَصْلِ [ضَمانٌ، لعَدَمِ تَعَلُّقِ الحُكمِ بشَهَادتِهما. ولَنا، أَنَّ الحقَّ ثَبَتَ بشَهادةِ شاهِدَىِ الأَصْلِ] (٣٠)، بدليلِ اعْتبارِ عَدالتِهما، فإذا رَجَعَا، ضَمِنا، كشاهِدَىِ الفَرْعِ.

فصل: وإذا حكمَ الحاكمُ بشاهدٍ ويَمِينٍ، فرَجعَ الشَّاهدُ، غَرِمَ جميعَ المالِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى روايةِ جماعة. وقال مالكٌ، والشَّافعىُّ: يَلْزَمُه النِّصْفُ؛ لأنَّه أحدُ حُجَّتَىِ الدَّعْوَى، فكان عليه [النِّصْفُ كما لو كانا شاهِدَيْنِ. ولَنا، أَنَّ الشاهِدَ حُجَّةُ الدَّعْوَى، فكان الضَّمانُ عليه] (٣١) كالشَّاهِدَيْنِ. يُحَقِّقه أَنَّ اليَمِينَ قولُ الخَصْمِ، وقولُ الخصمِ ليس بحُجَّةٍ على خَصْمِه، وإنَّما هو شَرْطُ الحُكمِ، فجرَت مَجْرَى مُطالبَتِه الحاكمَ بالحُكمِ، وبهذا ينْفَصِلُ عمَّا ذكَرُوه. ولو سَلَّمْنا أنَّها حُجَّةٌ، لكن إنَّما جعَلَها حُجَّةً شَهادةُ الشاهدِ، ولهذا لم يَجُزْ تَقْديمُها على شَهادتِه، بخلافِ شهادةِ الشَّاهدِ الآخَرِ. قال أبو الخَطَّابِ: ويتخَرَّجُ أَنْ لا يَلْزمَه إِلَّا نِصْفُ (٣٢) المحكومُ به، إذا قُلْنا: تُرَدُّ اليَمِينُ على المُدَّعِى.

فصل: وإذا رجَعُوا عن الشَّهادةِ بعدَ الحُكمِ، وقالُوا: عَمَدْنا. ووجَبَ عليهم القِصاصُ، لم يُعَزَّرُوا (٣٣)؛ لأنَّ القِصاصَ يُغْنِى عن تَعْزِيرِهم. وإن كانَ فى مالٍ، عُزِّرُوا، وغَرِمُوا؛ لأنَّهم جَنَوا جنايةً كبيرةً، وارْتكبُوا جَرِيمةً عظيمةً، وهى شهادةُ الزُّورِ. ويَحْتَمِلُ


(٢٩) فى أ، ب: "وإن".
(٣٠) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٣١) سقط من: أ. نقل نظر. ومكانه فيها: "الضمان".
(٣٢) فى أ، ب، م: "النصف".
(٣٣) فى أ، ب، م: "يعزر".

<<  <  ج: ص:  >  >>