للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَخَّصَ لِلرِّعاءِ أن يَرْمُوا يومًا، ويَدَعُوا يَوْمًا. وكذلك الحُكْمُ فى أهْلِ سِقَايَةِ الحاجِّ. وقد رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ العَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لِيَبِيتَ بمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى، من أَجْلِ سِقَايَتِه. مُتَّفَقٌ عليه (٥). إلَّا أنَّ الفَرْقَ بين الرِّعَاءِ، وأهْلِ السِّقَايَةِ، أنَّ الرِّعاءَ إذا قامُوا حتى غَرَبَتِ الشمسُ [لَزِمَهُمُ البَيْتُوتَةُ، وأهلُ السِّقَايَة بخلاف ذلك؛ لأنَّ الرُّعَاةَ إنَّما رَعْيُهُمْ بالنَّهار، فإذا غَرَبَتِ الشمسُ] (٦) فقد انْقَضَى وَقْتُ الرَّعْىِ، وأهْلُ السِّقايةِ يَشْتَغِلُونَ لَيْلًا ونَهارًا، فافْتَرَقا، وصارَ الرِّعاءُ كالمَرِيضِ الذى يُباحُ له تَرْكُ الجمعةِ لِمَرضِه، فإذا حَضَرَها تَعَيَّنَتْ عليه، والرِّعاءُ أُبِيحَ لهم تَرْكُ المَبِيتِ لأجْلِ الرَّعْىِ، فإذا فَاتَ وَقْتُه وَجَبَ المَبِيتُ.

فصل: وأهْلُ الأعْذارِ من غيرِ الرِّعاءِ، كالمَرْضَى، ومن له مَالٌ يَخافُ ضَيَاعَهُ، ونحوِهم، كالرِّعاءِ فى تَرْكِ البَيْتُوتَةِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَخَّصَ لهؤلاءِ تَنْبِيهًا على غيرِهم، أو نَقُولُ: نَصَّ عليه لِمَعْنًى وُجِدَ فى غيرِهم، فوَجَبَ إلْحَاقُه بهم.

فصل: إذا كان الرجلُ مَرِيضًا، أو مَحْبُوسًا، أو له عُذْرٌ، جازَ أن يَسْتَنِيبَ مَن يَرْمِى عنه. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأبى عبدِ اللهِ: إذا رُمِىَ عنه الجِمارُ، يَشْهَدُ هو ذاك أو يكونُ فى رَحْلِه؟ قال: يُعْجِبُنِى أن يَشْهَدَ ذاك إن قَدَرَ حين يُرْمَى عنه. قلتُ: فإن ضَعُفَ عن (٧) ذلك، أيكونُ فى رَحْلِه [ويَبْعَثُ مَن يَرْمِى] (٨) عنه؟ قال: نعم. قال القاضى: المُسْتَحَبُّ أن يَضَعَ الحَصَى فى يَدِ النَّائِبِ، لِيكونَ له عَمَلٌ فى الرَّمْىِ. وإن أُغْمِىَ على المُسْتَنِيبِ، لم تَنْقَطِعِ النِّيَابَةُ، ولِلنَّائِبِ الرَّمْىُ عنه، كما لو اسْتَنَابَهُ فى الحَجِّ ثم أُغْمِىَ عليه. وبما ذَكَرْنا فى هذه المَسْأَلةِ قال الشَّافِعِىُّ، ونحوَه قال مَالِكٌ، إلَّا أنَّه قال: يَتَحَرَّى المَرِيضُ حينَ رَمْيِهم، فيُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ.


(٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٢٥.
(٦) سقط من: ب، م. نقلة نظر.
(٧) فى ب، م: "على".
(٨) فى ب، م: "ويرمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>