للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو أَرْسَلَها على كِبارٍ فتَفَرَّقَت عن صِغَارٍ فأَخَذَها، على مالِكٍ، أو كما لو أخَذَ صَيْدًا فى طَريقه، على الشافِعِىِّ. ولأنَّه لا يمكنُ تعليمُ الجارِحِ اصْطِيادَ واحِدٍ بعَيْنِه دونَ واحدٍ، فسَقَطَ اعتبارُه، فأمَّا إنْ أرسلَ سَهْمَهُ أو الجارِحَ، ولا يرَى صَيْدًا، ولا يعلمُه، فصادَ، لم يَحِلَّ صَيْدُه؛ لأنَّه لم يقْصِدْ صَيْدًا، ولأن (١٣) القَصْدَ لا يتحقَّقُ لما لا يعلمُه. وبهذا قال الشافِعِىُّ فى الكلبِ. وقال الحَسَنُ، ومُعاوِيَةُ بن قُرَّةَ: يأكُلُه، لعُمومِ الآيَةِ والخَبَرِ، ولأنَّه قصَدَ الصَّيْدَ، فحلَّ له ما صادَه، كما لو رَآه. ولَنا، أَنَّ قصْدَ الصَّيْدِ شرْطٌ، ولا يصِحّ القَصْدُ (١٤) مع عَدَمِ العلمِ، فأشْبَهَ ما لو لم يقْصِدِ الصَّيْدَ.

فصل: وإِنْ رَأَى سَوادًا، أو سمِعَ حِسًّا، فظنَّهُ آدَمِيًّا، أو بهيمةً، أو حجَرًا، فرَماه فقَتَلَه، فإذا هو صيْدٌ، لم يُبَحْ. وبهذا قال مالِك، ومحمدُ بنُ الحسنِ، وقال أبو حنيفةَ: يُباحُ. وقال الشافِعِىُّ: يُباحُ إنْ كان المُرْسَلُ سَهْمًا، ولا يُبَاحُ إنْ كان جارِحًا. واحتجَّ مَنْ أباحَهُ بعُمومِ الآيَةِ والخبَرِ، ولأنَّه قصَدَ الاصْطِيادَ، وسَمَّى فأشبه ما لو عَلِمَه صَيْدًا. ولَنا، أنَّه لم يقْصِدِ الصَّيْدَ، فلم يُبَحْ، كما لو رَمَى هَدَفًا فأصابَ صَيْدًا، وكما فى الجارِحِ عنَد لم الشافِعِىِّ. وإِنْ ظنَّه كلبًا أو خِنْزيرًا، لم يُبَحْ، لذلك. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: يُباحُ؛ لأنَّه ممَّا يباحُ قَتْلُه. ولَنا، ما تقدَّمَ. فأمَّا إنْ ظَنَّه صَيْدًا، حَلَّ؛ لأنَّه ظَنَّ وُجودَ الصَّيْدِ، أشْبَهَ ما لو رآه. وإِنْ شَكَّ هل هو صَيْدٌ أو لا؟ أو غَلَبَ على ظَنِّه أَنَّه ليسَ بصَيْدٍ، لم يُبَحْ؛ لأنَّ صِحَّةَ القَصْدِ تَنْبَنِى على العلمِ، ولم يُوجَدْ ذلك. وإِنْ رَمَى حجرًا يظُنُّه صَيْدًا، فقتَلَ صَيْدًا، فقال أبو الخَطَّاب: لا يُباحُ؛ لأنَّه لم يقْصِدْ صَيْدًا على الحقيقَةِ. ويحْتَمِلُ أَنْ يُباحَ؛ لأنَّ صِحَّةَ القَصْدِ تَنْبَنِى على الظَّنِّ، وقد وُجِدَ، فصَحَّ قَصْدُه، فينبغِى أَنْ يَحِلَّ صَيْدُه.

١٧٠٩ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا رمَاهُ، فَغابَ عَنْ عَيْنِهِ، فَوَجَدهُ مَيِّتًا، وسَهْمُه فِيهِ، ولَا أَثَرَ بِهِ غَيْرُهُ، حَلَّ (١) أَكْلُهُ)

هذا (٢) المشهورُ عن أحمد، وكذلك لو أرسَلَ كلْبَهُ على صَيْدٍ، فغابَ عن عيْنِه، ثمَّ


(١٣) سقطت الواو من: ب، م.
(١٤) فى م: "العقد" تحريف.
(١) فى أ: "جاز".
(٢) فى م زيادة: "هو".

<<  <  ج: ص:  >  >>