للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٦٤ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ خطَبَ امْرَأَةً، فَلَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ، فَلِغَيْرِه خِطْبَتُهَا)

الخِطْبةُ، بالكَسْرِ: خِطْبةُ الرَّجُلِ المرأةَ لِيَنْكِحَها. والخُطْبةُ، بالضَّمِّ: هى حَمْدُ اللَّه، والتَّشَهُّد؛ ولا يَخْلُو حالُ المَخْطوبةِ من ثلاثةِ أقسامٍ:

أحدها: أن تَسْكُنَ إلى الخاطبِ لها، فتُجِيبَه، أو تَأْذَنَ لِوَلِيِّها فى إجَابَتِه أو تَزْوِيجِه، فهذه يَحْرُمُ على غيرِ خاطِبِها خِطْبَتُها؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَخْطُبْ أحَدُكُم عَلَى خِطْبةِ أَخِيهِ". وعن أبى هريرةَ، عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَخْطُبْ أحَدُكُمْ عَلَى خِطْبةِ أخِيهِ، حَتَّى يَنْكِحَ أو يَتْرُكَ". مُتَّفَقٌ عليهما (١). ولأنَّ فى ذلك إفْسادًا على الخاطِبِ الأوَّلِ، وإيقاعَ العَداوةِ بين النَّاسِ، ولذلك نَهَى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بَيْعِ الرَّجُلِ على بَيْعِ أخِيه. ولا نعلمُ فى هذا خِلافًا بين أهلِ العلمِ، إلَّا أن قَوْمًا حَمَلُوا النَّهْىَ على الكَرَاهةِ، والظَّاهرُ أَوْلَى.

القسم الثانى: أن تَرُدَّهُ أو لا تَرْكَنَ إليه. فهذه يَجُوزُ خِطْبَتُها؛ لما رَوَتْ فاطمةُ بنت قَيْسٍ، أنَّها أتَتِ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذَكَرَتْ أَنَّ مُعَاوِيةَ وأبا جَهْمٍ خَطَباها، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمَّا مُعَاوِيةُ فصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَه، وأمَّا أبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، أنْكِحِى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ". مُتَّفَقٌ عليه (٢). فخَطَبها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد إخْبارِها إياه بخِطْبةِ مُعاوِيةَ وأبى جَهْمٍ لها، ولأنَّ تحريمَ خِطْبَتِها على هذا الوَجْهِ إضرارٌ بها، فإنَّه لا يشاءُ أحدٌ أن يَمْنَعَ المرأةَ النِّكاحَ إلَّا مَنَعَها بخِطْبَتِه إيَّاها، وكذلك لو عَرَّضَ لها فى عِدَّتِها بالخِطْبةِ، فقال: لا تَفُوتِينِى بنَفْسِكِ. وأشْباهِ هذا، لم تَحْرُمْ خِطْبَتُها؛ لأنَّ فى قِصَّةِ فاطمةَ أَنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) تقدم تخريجهما فى ٦/ ٣٠٦، ٣٠٧. ويعدل فى تخريج الأول صحيح مسلم ٢/ ١٠٢٨ إلى ٢/ ١٠٢٩. وعارضة الأحوذى ١/ ٤٨٠ إلى ٥/ ٧٠.
(٢) قصة فاطمة بنت قيس تقدم تخريجها فى: ٦/ ٣٠٧.
ويضاف إليه: أخرجها البخارى، فى: باب قصة فاطمة بنت قيس، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٦٤، ٧٥. ومسلم، فى: باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم ٢/ ١١١٤.
كما أخرجه الدارمى، فى: باب النهى عن خطبة الرجل على خطبة أخيه، من كتاب النكاح. سنن الدارمى ٢/ ١٣٥، ١٣٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>