للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن حَفَرَ العَبْدُ بِئرًا في مِلْكِ إنسانٍ، بغيرِ إذْنِه، أو في طريقٍ يتَضَرّرُ به، ثم أعْتَقَه سَيِّدُه، ثم تَلِفَ بها شيءٌ، ضَمِنَه العَبْدُ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: الضَّمانُ على سَيِّدِه؛ لأنَّ الجِنايةَ هي الحَفْرُ في حالِ رِقِّه، وكان ضَمانُ جِنايَتِه حينئذٍ على سَيِّدِه، فلا يَزُولُ ذلك بعِتْقِه، كما لو جَرَحَ في حالِ رِقِّه، ثم سَرَى جُرْحُه بعدَ عِتْقِه. ولَنا، أنَّ التَّلَفَ المُوجِبَ للضَّمانِ وُجِدَ بعدَ إعْتاقِه، فكان الضَّمان عليه، كما لو اشْتَرَى سَيْفًا في حالِ رِقِّه، ثم قَتَلَ به بعدَ عِتْقِه، وفارَقَ ما قاسُوا عليه؛ لأنَّ الإِتْلافَ المُوجِبَ للضَّمانِ وُجِدَ حالَ رِقِّه، وههُنا حَصَلَ بعدَ عِتْقِه. وكذلك القولُ في نَصْبِ حَجَرٍ أو غيرِه من الأسْبابِ التي يَجِبُ بها الضمانُ.

فصل: وإن (٣٤) حَفَرَ إنسانٌ بئرًا في مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بينه وبينَ غيرِه، بغيرِ إذْنِه، ضَمِنَ ما تَلِفَ به (٣٥) جَمِيعَه. وهذا قياسُ مذهبِ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يَضْمَنُ ما قابَلَ نَصِيبَ شَرِيكِه, فلو كان له شَرِيكانِ، لَضَمِنَ ثُلُثَىِ التَّالِفِ؛ لأنَّه تَعَدَّى في نَصِيبِ شَرِيكَيْه (٣٦). وقال أبو يوسفَ: عليه نِصْفُ الضَّمانِ؛ لأنَّه تَلِفَ بجِهَتَيْنِ، فكان الضَّمانُ نِصْفَيْنِ، كما لو جَرَحَه واحدٌ جُرْحًا، وجَرَحَه آخَرُ جُرْحَيْنِ. ولَنا، أنَّه مُتَعَدٍّ بالحَفْرِ، فضَمِنَ الواقِعَ فيها، كما لو كان في مِلْكِ غيرِه، والشَّرِكَةُ أوْجَبَتْ تَعَدِّيه بجميعِ الحَفْرِ، فكان مُوجِبًا لجميعِ الضَّمانِ. ويَبْطُلُ ما ذكَرَه أبو يوسفَ، بما لو حَفَره في طرِيقٍ مُشْتَرَكٍ، فإنَّ له فيها حَقًّا، ومع ذلك يَضْمَنُ الجميعَ. والحكمُ فيما إذا (٣٧) أَذِنَ له بعضُ الشُّركاءِ في الحَفْرِ دُونَ بعضٍ، كالحُكْمِ فيما إذا حَفَرَ في مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بينَه وبينَ غيرِه؛ لكَوْنِه لا يُباحُ الحَفْرُ ولا التصرُّفُ حتى يَأْذَنَ الجميعُ.

فصل: وإذا حَفَرَ بئرًا في مِلْكِ إنسانٍ، أو وَضَعَ فيه ما يتَعَلَّقُ به الضَّمانُ، فأبْرَأَه


(٣٤) في م: "وإذا".
(٣٥) سقط من: م.
(٣٦) في ب: "شريكه".
(٣٧) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>