للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّنَى هو الملازِمُ للزِّنَى، كما يقالُ: ابنُ السبِيلِ المُلازِمُ لها، ووَلَدُ اللَّيْلِ الذى لا يَهابُ [السَّيْرَ فيه] (٧). وقال الخَطَّابِىُّ (٨)، عن بعضِ أهل العلمِ، قال: هو شَرُّ الثلَاثةِ أصْلًا وعُنْصُرًا ونَسَبًا؛ لأنَّه خُلِقَ من ماءِ الزِّنَى، وهو خَبِيثٌ. وأنكرَ قَوْمٌ هذا التَّفْسِيرَ، وقالُوا: ليس عليه مِنْ وِزْرِ والِدَيْه شىءٌ، وقد قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٩). وفى الجملَةِ، هذا يرْجِعُ إلى أحْكامِ الآخِرَةِ، أمَّا أحْكامُ الدُّنْيا، فهو كغيرِه، فى صِحَّةِ إمامَتِه، وبَيْعِه، وعِتْقِه، وقبولِ شهادَتِه، فكذلك فى إجْزاءِ عِتْقِه عن الكَفَّارَةِ؛ لأنَّه من أحْكامَ الدُّنْيا.

١٨١٨ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدًا، أَجْزَأَه صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ)

يعنى إِنْ لم يَجِدْ إطْعامًا (١)، ولا كِسْوَةً، ولا عِتْقًا، انتقَل إلى صِيَامِ ثلاثَةِ أيَّامٍ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (٢). وهذا لا خِلافَ فيه، إِلَّا فى اشْتراطِ التَّتابُعِ فى الصَّوْمِ، وظاهِرُ المذهبِ اشْتِراطُه، كذلك قال إبراهيمُ النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ (٣) ذلك عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه (٤). وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ. وحَكَى ابنُ أبى موسى، عن أحمدَ، رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه يجوزُ تَفْرِيقُها. وبه قال مالِكٌ، والشافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْه؛ لأنَّ الأَمْرَ بالصَّوْمِ مُطْلَقٌ، فلا يجُوزُ تَقْيِيدُه إِلَّا بدليلٍ، ولأنّه [صِيامُ أيَّامٍ ثلاثةٍ] (٥)، فلم يجِبِ التَّتابُعُ


(٧) فى م: "السرقة" خطأ.
(٨) فى: معالم السنن ٤/ ٨٠.
(٩) سورة الأنعام ١٦٤.
(١) فى م: "طعاما".
(٢) سورة المائدة ٨٩.
(٣) فى م زيادة: "نحو".
(٤) أخرجه البيهقى، فى: باب التتابع فى صوم الكفارة، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى ١٠/ ٦٠.
(٥) فى أ، ب: "صام ثلاثة أيام". وفى م: "صام الأيام الثلاثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>