للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصْحابِه. ولَنا، أنَّ ما فَعَلَهُ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَبَتَ في حَقِّ غيرِه، مالم يَقُمْ على اخْتِصاصِه به دَلِيلٌ، كيف وقد عُقِلَ المَعْنَى في ذلك، وهو التَّفَاؤُلُ، بِقَلْبِ الرِّداءِ، لِيَقْلِبَ اللهُ ما بهم من الجَدْبِ إلى الخِصْبِ، وقد جاءَ ذلك في بعضِ الحَدِيثِ. وصِفَةُ تَقْلِيبِ الرِّداءِ أن يَجْعَلَ ما على اليَمِينِ على اليَسَارِ، وما على اليَسَارِ على اليَمِينِ. رُوِىَ ذلك عن أبَانَ بن عُثمانَ، وعمرَ بن عبدِ العزِيزِ، وهِشَامِ بن إسماعيلَ، وأبى بكرِ بن محمدِ بن عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، ومالِكٍ. وكان الشَّافِعِىُّ يقول به، ثم رَجَعَ، فقال: يَجْعَلُ [أعْلاهُ أسْفَلَهُ] (٨)؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَسْقَى وعليه خَمِيصَةٌ سَوْداءُ، فأرَادَ أن يَجْعَلَ أسْفَلَها أعْلَاهَا، فلما ثَقُلَتْ عليه جَعَلَ العِطافَ (٩) الذي على الأيْسَر على عاتِقِه الأيْمَنِ، والذي على الأيْمَن على عاتِقِه الأيْسَر. رَوَاه أبو دَاوُدَ (١٠). ودَلِيلُنا ما رَوَى أبو دَاوُدَ (١٠)، بإسْنادِه عن عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَوَّلَ رِدَاءَهُ، وجَعَلَ عِطَافَهُ الأيْمَنَ على عَاتِقِه الأَيْسَرِ، وجَعَلَ عِطَافَهُ الأيْسَرَ على عاتِقِه الأيْمَنِ. و [في حديثِ] (١١) أبى هُرَيْرَةَ نحوُ ذلك (١٢). والزِّيَادَةُ التي نَقَلُوهَا، إن ثَبَتَتْ، فهى ظَنُّ الرَّاوِى، لا يُتْرَكُ لها فِعْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد نَقَلَ تَحْوِيلَ الرِّداءِ جَمَاعَةٌ، لم يَنْقُلْ أحَدٌ منهم أنَّه جَعَلَ أَعْلَاهُ أسْفَلَه، ويَبْعُدُ أن يكونَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَرَكَ ذلك في جَمِيعِ الأوْقاتِ لِثِقَلِ الرِّداءِ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ رَفْعُ الأيْدِى في دُعاءِ الاسْتِسْقاءِ؛ لما رَوَى البُخَارِيُّ (١٣)،


(٨) في الأصل: "أسفلها أعلاها".
(٩) أصل العطاف الرداء، وإنما أضاف العطاف إلى الرداء, لأنه أراد أحد شقى العطاف.
(١٠) في: أول كتاب الاستسقاء. سنن أبي داود ١/ ٢٦٥. كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٤١، ٤٢.
(١١) في الأصل: "وحديث".
(١٢) تقدم تخريجه في صفحة ٣٣٧.
(١٣) في: باب رفع الإِمام يده في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح البخاري ٢/ ٣٩، ٤٠. كما أخرجه مسلم، في: باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء، من كتاب الاستسقاء. صحيح مسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>