للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوَى فأزالتِ الأضْعَفَ، كما لو طَرَأ مِلْكُ يَمينِه على مِلْكِ نِكاحِه. وإن خَرَجَتْ إلى مَنْ لا تَحِلُّ له، كالمرأةِ أو اثنينِ، فكذلك أيضًا؛ لأنَّ العقدَ إذا وَقَفَ على إجازةِ شَخْصٍ، لم يُجَزْ بإجازةِ غيرِه، كما لو باعَ أُمَةَ غيرِه ثم باعَها المالكُ، فأجاز المُشْتَرِى الثانى بَيْعَ الأجْنَبِى. وفيه وجهٌ آخَرُ، أنَّه يجوزُ بإجازةِ المالِكِ الثانى؛ لأنَّه يَمْلِكُ ابتدِاءَ العَقْدِ، فمَلَكَ إجازَتَه كالأَوَّلِ. ولا فَرْقَ بين أن يَخْرُجَ بِبَيْعٍ أو إرْثٍ أو هِبَةٍ أو غيرِه. فأمَّا إن أعتْقَهَا السَّيِّدُ، احْتَمَلَ أن يَجُوزَ النكاحُ؛ لأنَّه إنَّما وَقَفَ لحَقِّ المَوْلَى، فإذا أعْتَقَ سَقَطَ حَقُّه، فصَحَّ العقدُ، واحْتَمَلَ أن لا يجوزَ؛ لأنَّ إبْطالَ حَق المَولَى ليس بإجازةٍ، ولأنَّ حَقَّ المَوْلَى إن بَطَلَ من المِلْكِ، فلم يَبْطُلْ من وِلايةِ التَّزْويج، فإنَّه يَلِيها بالوَلاءِ.

فصل: إذا زُوِّجَتِ التى يُعْتَبرُ إذْنُها بغير إذْنِها، وقُلْنا: يَقِفُ على إجازَتِها. فإجازَتُها بالنُّطقِ، أو ما يَدُلُّ على الرِّضَى من التَّمْكِينِ من الوَطْءِ، أو المُطالَبة (٢٠) بالمَهْرِ والنَّفَقةِ. ولا فَرْقَ فى ذلك بين البِكْرِ والثَّيِّبِ؛ لأنَّ أدِلّةَ الرِّضَى تَقُومُ مَقامَ النُّطقِ به، ولذلك قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِبَرِيرَةَ: "إن وَطِئَكِ زَوْجُكِ، فَلَا خِيارَ لَكِ" (٢١). جعَل تَمْكِينَها دَلِيلًا على إسْقاطِ حَقِّها والمطالبةِ بالمَهْرِ والنَّفَقةِ، والتَّمْكِينُ من الوَطْءِ دليلٌ على الرِّضَى؛ لأنَّ ذلك من خَصائصِ العَقْدِ الصَّحيحِ، فوُجُودُه من المَرْأةِ دَلِيلُ رِضَاها (٢٢) به. الحكم الثالث، إذا عَضَلَها وَلِيُّها (٢٣) الأقرَبُ، انتقلتِ الوِلايةُ إلى الأبعَدِ. نصَّ عليه أحمدُ. وعنه روايةٌ أُخْرَى، تَنْتَقِلُ إلى السُّلْطانِ. وهو اختيارُ أبى بكرٍ. وذُكِرَ ذلك عن عثمانَ بن عَفَّان، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وشُرَيحٍ. وبه قال الشافعىُّ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(٢٠) فى الأصل، أ: "والمطالبة".
(٢١) تقدم تخريجه فى: ٦/ ١٨. ويضاف إليه: وأخرجه أبو داود، فى: باب حتى متى يكون لها الخيار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٨. والدارقطنى، فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٩٤.
(٢٢) فى الأصل: "برضاها".
(٢٣) فى م: "الولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>