للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القَوْلينِ جميعًا؛ لأنَّه علَّقَ طلاقَها على شرطٍ يُمْكِنُ فعلُه وتَركُه، فكان حَلِفًا، كما لو قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ. وإن قال: إن حَلَفْتُ بطلاقِك فأنتِ طالقٌ. ثم أعادَ ذلك، طَلُقَتْ واحدةً، ثمَّ (٣٣) كلَّما أعادَه مرَّة طَلُقَتْ، حتى تَكْمُلَ الثَّلاثُ؛ لأنَّ كلَّ مَرّةٍ يُوجَدُ بها شرطُ الطَّلاقِ، ويَنْعقِدُ شَرْطُ طَلْقةٍ أُخْرَى. وبهذا قال الشّافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وقال أبو ثَوْرٍ: ليس ذلك بحَلِفٍ، ولا يَقعُ الطَّلاقُ بتَكْرارِه؛ لأنَّه (٣٤) تَكرارٌ للكلامِ (٣٥)، فيكونُ تأكيدًا لاحقًا. ولَنا، أنَّه تَعْليقٌ للطَّلاقِ على شرطٍ يُمْكِنُ فِعْلُه وتَركُه، فكان حَلِفًا (٣٦)، كما لو قال: إن دخَلْتِ الدَّارَ فأنت طالق. وقولُه: إنَّه تَكْرارٌ للكلامِ. حُجَّةٌ عليه، فإنَّ تَكْرارَ الشىءِ عبارة عن وُجودِه مَرة أُخْرَى، فإذا كان فى الأوَّلِ حَلِفًا، فوُجِدَ مَرّةً أُخْرَى، فقد وُجد الحَلِفُ مَرّةً أخْرَى، وأمَّا التَّأْكيدُ فإنَّما يُحْمَلُ عليه الكلامُ المُكَرَّرُ إذا قصدَه، وهَهُنا إن قصَد إفْهامَها، لم يَقَعْ بالثَّانى شىءٌ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ أنتِ طالقٌ. يعنى بالثانيةِ إفْهامَها، فأمّا إن كرَّرَ ذلك لغيرِ مَدْخولٍ بها، بانَتْ بطلقةٍ، ولم يَقَعْ (٣٧) أكثرُ منها، فإذا قال لها ذلك ثلاثًا، بانَتْ بالمَرّةِ الثَّانيةِ، ولم تَطْلُقُ بالثَّالثةِ، فإن جَدَّدَ نِكاحَها، ثم أعاد ذلك لها، أو قال لها: إن تَكَلَّمتِ فأنتِ طالقٌ، أو نحوَ ذلك، لم تَطْلُقْ بذلك؛ لأنَّ شَرْطَ طلاقِها إنَّما كان بعدَ بَيْنُونتِها.

فصل: وإن قال لامرأتَيْه: كلَّما حَلَفْتُ بطلاقِكما، فأنتما طالقتانِ. ثم أعادَ ذلك ثلاثًا، طَلُقَتْ كلُّ واحدةٍ منهما ثلاثًا؛ لما ذكَرْنا. فإن كانتْ إحداهما غيرَ مَدْخولٍ بها، بانَتْ بالمرَّةِ الثَّانيةِ، فإذا أعادَه (٣٨) مرَّةً ثالثةً، لم تَطْلُقْ واحدةٌ منهما؛ لأنَّ غيرَ المدْخولِ


(٣٣) سقط من: ب، م.
(٣٤) فى الأصل زيادة: "لا".
(٣٥) فى ب، م: "الكلام".
(٣٦) فى الأصل، ب، م: "حقا".
(٣٧) فى أزيادة: "بها".
(٣٨) فى أ: "أعاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>