للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أجْلِه، ولأنَّه قد يَفْعَلُ الشَّىْءَ لِمَعْنًى ويَبْقَى في حَقِّ غيرِه سُنَّةً، مع زَوالِ المَعْنَى، كالرَّمَلِ والاضْطِبَاعِ في طَوَافِ القُدُومِ، فَعَلَهُ هو وأصْحابُه لإِظْهَارِ الجَلَدَ لِلْكُفَّارِ، وبَقِىَ سُنَّةً بعدَ زَوَالِهم (٣). ولهذا رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه قال: فِيمَ الرَّمَلَانُ الآنَ، ولمن نُبْدِى مَنَاكِبَنا وقد نَفَى اللهُ المُشْرِكِينَ؟ ثم قال مع ذلك: لا نَدَعُ شَيْئا فَعَلْنَاهُ مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

٣١١ - مسألة؛ قال: (ومَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، كصَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وإنْ أحَبَّ فَصَلَ بِسَلَامٍ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ).

وجُمْلَتُه أنَّ من فَاتَتْهُ صَلَاةُ العِيدِ فلا قَضاءَ عليه؛ لأنَّها فَرْضُ كِفايَةٍ، وقد (١) قامَ بها مَن حَصَلَتِ الكِفَايَةُ به، فإنْ أحَبَّ قَضاءَها فهو مُخَيَّرٌ، إن شاءَ صَلَّاهَا أرْبَعًا، إمَّا بِسَلامٍ واحِدٍ وإمَّا بِسَلامَيْنِ، وَرُوِىَ هذا عن ابنِ مسعودٍ، وهو قولُ الثَّوْرِىِّ؛ وذلك لما رُوِىَ عن (٢) عبدِ اللهِ بن مسعودٍ، أنَّه قال: مَنْ فَاتَهُ العِيدُ فَلْيُصَلِّ أرْبَعًا، ومَنْ فاتَتْهُ الجُمُعَةُ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا. وَرُوِىَ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: إنْ أمَرْتُ رَجُلًا أن يُصَلِّىَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ، أمَرْتُه أن يُصَلِّىَ أَرْبَعًا. رَوَاهُما سَعِيدٌ (٣). قال أحمدُ، رَحِمَهُ اللهُ: يُقَوِّى ذلك حَدِيثُ عَلِيٍّ، أنَّه أمَرَ رَجُلًا يُصَلِّى بِضَعَفَةِ النَّاسِ أرْبَعًا، ولا يَخْطُبُ (٤). ولأنَّه قَضاءُ صلاةِ عِيدٍ، فكان أرْبَعًا كصَلَاةِ


(٣) سيأتي تخريج ما ورد في الاضطباع والرمل في كتاب الحج. في مسألتى ٦١١، ٦١٢.
(٤) أخرجه أبو داود، في: باب في الرمل، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٣٦. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٤٥.
(١) سقطت "قد" من: م.
(٢) سقط من: أ، م.
(٣) الأول أخرجه عبد الرزاق، في: باب من صلاها غير متوضىء ومن فاته العيدان، من كتاب العيدين. المصنف ٣/ ٣٠٠.
والثانى تقدم في صفحة ٢٦٠.
(٤) انظر أيضًا مواضع التخريج في صفحة ٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>