للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان رَهَنَ هذا العَبْدَ عندَ رَجُلَيْنِ، فقَضَى أحَدَهُمَا، انْفَكَّ نَصِيبُ كُلِّ واحِدٍ مِن المُعِيرَيْنِ من نِصْفِه. وإن قَضَى نِصْفَ دَيْنِ أَحَدِهِما انْفَكَّ (٤٠) نَصِيبُ أحَدِهِما، على أحَدِ الوَجْهَيْنِ، وفى الآخَرِ، يَنْفَكُّ نِصْفُ نَصِيبِ كلِّ واحِدٍ منهما.

فصل: ولو كان لِرَجُلَيْنِ عَبْدانِ، فأَذِنَ كلُّ واحِدٍ منهما لِشَرِيكِه فى رَهْنِ نَصِيبِه مِن أحَدِ العَبْدَيْنِ، فرَهَنَاهما عند رَجُلٍ مُطْلَقًا، صَحَّ. فإنْ شَرَطَ أحَدُهما أنَّنِى متى قَضَيْتُ ما عَلَىَّ من الدَّيْنِ، انْفَكَّ الرَّهْنُ فى العَبْدِ الذى رَهَنْتُه، وفى العَبْدِ الآخَرِ، [أوْ فى] (٤١) قَدْرِ نَصِيبِى من العَبْدِ الآخَرِ. فهذا شَرْطٌ فاسِدٌ؛ لأنَّه شَرَطَ أن يَنْفَكَّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ رَهْنٌ على دَيْنٍ آخَرَ، ويَفْسُدُ الرَّهْنُ؛ لأنَّ فى هذا الشَّرْطِ نَقْصًا على المُرْتَهِنِ، وكل شَرْطٍ فاسِدٍ يَنْقُصُ حَقَّ المُرْتَهِنِ، يُفْسِدُ الرَّهْنَ. فأمَّا إن شَرَطَ أنَّه لا يَنْفَكُّ شَىْءٌ من العَبْدِ حتى يَقْضِىَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، فهو فَاسِدٌ أيضا؛ لأنَّه شَرَطَ أن يَبْقَى الرَّهْنُ مَحْبُوسًا بغيرِ الدَّيْنِ الذى هو رَهْن به، لكنَّه لا يَنْقُصُ حَقَّ المُرْتَهِنِ، فهل يَفْسُدُ الرَّهْنُ بذلك؟ على وَجْهَيْنِ.

فصل: ولا يَصِحُّ رَهْنُ ما لا يَصِحُّ بَيْعُه، كأُمِّ الوَلَدِ، والوَقْفِ، والعَيْنِ المَرْهُونَةِ؛ لأنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ من ثَمَنِه، وما لا يجوزُ بَيْعُه لا يُمْكِنُ ذلك فيه. ولو رَهَنَ العَيْنَ المَرْهُونَةَ عندَ المُرْتَهِنِ، لم يَجُزْ. فلو قال الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: زِدْنِى ما لا يكونُ الرَّهْنُ الذى عِنْدَكَ رَهْنًا به وبالدَّيْنِ الأوَّلِ. لم يَجُزْ. وبهذا قال أبو حنيفةَ ومحمدٌ. وهو أحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. وقال مالِكٌ، وأبو يوسفَ، وأبو ثَوْرٍ، والمُزنِىُّ، وابن المُنْذِرِ: يجوزُ ذلك؛ لأنَّه لو زادَهُ رَهْنًا جازَ، فكذلك إذا زادَ فى دَيْنِ الرَّهْنِ، ولأنَّه لو فَدَى المُرْتَهِنُ العَبْدَ الجَانِى بإِذْنِ الرَّاهِنِ، ليكُون رَهْنا بالمالِ الأَوَّلِ وبما فَداهُ به، جازَ، فكذلك هاهُنا، ولأنَّها وَثِيقَةٌ مَحْضَةٌ، فجازَتِ


(٤٠) فى م زيادة: "فى".
(٤١) فى م: "وفى".

<<  <  ج: ص:  >  >>