للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي: لا يُجْزِئُ الرُّخامُ والبرامُ (١١) والكَذَّانُ. ويَقْتَضِى قَوْلُه، أن لا يُجْزِئَ المَرْوُ ولا حَجَرُ المِسَنِّ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ بِالطِّينِ والمَدَرِ (١٢)، وما كان من جِنْسِ الأرْضِ. ونَحْوَه قال الثَّوْرِيُّ. ورُوِىَ عن سُكَيْنَةَ بنت الحُسَيْنِ، أنَّها رَمَتِ الجَمْرَةَ ورَجُلٌ يُنَاوِلُها الحَصَى، تُكَبِّرُ مع كلِّ حَصَاةٍ، وسَقَطَتْ حَصَاةٌ فرَمَتْ بِخَاتَمِها. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى بِالْحَصَى، وأمَرَ بِالرَّمْىِ بمِثْلِ (١٣) حَصَى الخَذْفِ، فلا يَتَنَاوَلُ غيرَ الحَصَى، ويَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِه، فلا يجوزُ تَخْصِيصُه بغيرِ دَلِيلٍ، ولا إلْحاقُ غيرِه به؛ لأنَّه في (١٤) مَوْضِعٍ لا يَدْخُلُ القِياسُ فيه.

فصل: وإن رَمَى بِحَجَرٍ أُخِذَ من المَرْمِىِّ لم يُجْزِهِ. وقال الشَّافِعِىُّ: يُجْزِئُه؛ لأنَّه حَصًى، فيدخلُ في العُمومِ. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخَذَ (١٥) من غيرِ المَرْمِىِّ. وقال: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" (١٦). ولأنَّه لو جَازَ الرَّمْىُ بما رُمِىَ به، لما احْتَاجَ أحَدٌ إلى أخْذِ الحَصَى مِن غيرِ مَكانِه، ولا تَكْسِيرِهِ، والإِجْماعُ على خِلَافِه، ولأنَّ ابنَ عَبّاسٍ، قال: ما يُقْبَلُ [منها يُرْفَعُ] (١٧). وإن رَمَى بِخَاتَمِ فِضَّةٍ حَجَرًا، لم يُجْزِه، في [أحَدِ الوَجْهَيْنِ] (١٨)؛ لأنَّه تَبَعٌ، والرَّمْىُ بِالمَتْبُوعِ لا بالتَّابِعِ (١٩).


(١١) في أ، ب، م: "ولا البرام".
(١٢) المدر: قطع الطين اليابس.
(١٣) في أ، ب، م: "مثل".
(١٤) سقط من: ب، م.
(١٥) في الأصل: "أخذه".
(١٦) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣٠.
(١٧) في الأصل، أ: "منه رفع".
(١٨) سقط من: الأصل، وجاء في افي نهاية الفصل.
(١٩) في ب، م: "التابع".

<<  <  ج: ص:  >  >>