للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العَرَبِ بَعِيدٍ من المَدِينَةِ، وقَوَّى هذا الاحْتِمَالَ قَوْلُه في الحَدِيثِ: وكنتُ إذا سَجَدْتُ خَرَجَتْ اسْتِى. وهذا غيرُ سائِغٍ.

فصل: فأمَّا إمَامَتُه في النَّفْلِ ففيها رِوَايَتانِ: إحْدَاهما، لا تَصِحُّ؛ لما ذَكَرْنَا في الفَرْضِ. والثانيةُ، تَصِحُّ؛ لأنَّه مُتَنَفِّلٌ يَؤْمُّ مُتَنَفِّلِينَ، ولأنَّ النَّافِلَةَ يَدْخُلُها التَّخْفِيفُ، ولذلك تَنْعَقِدُ الجَماعةُ (٣٠) به فيها إذا كان مَأْمُومًا.

فصل: يُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ قومًا أَكْثَرُهم له كَارِهُونَ؛ لما رَوَى أبو أُمَامَةَ، قال: قال رَسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثَلَاثَةٌ لا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُم آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حتى يَرْجِعَ، وامْرَأَةٌ باتَتْ وزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وإمَامُ قَومٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ" (٣١). قال التِّرْمِذِيُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وعن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، أنَّ رَسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ثَلَاثَةٌ لا تُقْبَلُ مِنْهُمْ صَلَاةٌ: مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا هُمْ لَهُ كَارِهُونَ، ورَجُلٌ يَأْتِى الصَّلَاةَ دِبَارًا" - والدِّبَارُ: أن يَأْتِىَ بعدَ أنْ يَفُوتَهُ الوَقْتُ - "ورَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرًا". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٣٢). وقال عليٌّ لِرَجُلٍ أمَّ قومًا وهم له كَارِهُونَ: إنَّك لَخَرُوطٌ (٣٣). قال أحمدُ، رَحِمَه اللهُ: إذا كَرِهَهُ وَاحِدٌ أو اثْنَانِ أو ثَلَاثَةُ فلا بَأْسَ، حتى يَكْرَهَهُ أَكْثَرُ القَوْمِ، وإنْ كان ذا دِينٍ وسُنَّةٍ فكَرِهَهُ القَوْمُ لذلك، لم تُكْرَهْ إمَامَتُه. قال مَنْصُورٌ: أمَا إنَّا سَأَلْنَا أَمْرَ الإِمامةِ، فقِيلَ لنا: إنَّما عَنَى بهذا الظَّلَمةَ فأَمَّا من أقامَ السُّنَّةَ فإنَّما الإِثْمُ على مَنْ كَرِهَهُ.

فصل: ولا تُكْرَهُ إمَامَةُ الأعْرَابِىِّ إذا كان يَصْلُحُ لها. نَصَّ عليه. وهذا قَوْلُ عَطاءٍ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وكَرِهَ أبو مِجْلَزٍ


(٣٠) سقط من: الأصل.
(٣١) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في من أم قوما وهم له كارهون، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ١٥٤.
(٣٢) في: باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٤٠.
(٣٣) الخروط: الدابة الجموح الذي يجتذب رسنه من يد ممسكه ثم يمضى عائرا خارطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>