للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالصَّرْفِ (٣٢). ونَصُّ أحْمَدَ يُخَالِفُ هذا. ولأنَّه أَدْخَلَ في الشَّرِكَةِ أكْثَرَ ممَّا رَضِىَ الشَّرِيكُ بالمُشَارَكَةِ فيه، فلم يَجُزْ، كما لو ضَمَّ إليها ألْفًا من مَالِه. ويُفَارِقُ الصَّرْفَ؛ لأنَّه بَيْعٌ وإبْدالُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ، فهو كبَيْعِ الثِّيابِ بالدَّرَاهِمِ. وليس له أن يُقِرَّ على مالِ الشَّرِكَةِ، فإن فَعَلَ لَزِمَ في حَقِّهِ دون صَاحِبِه، سواءٌ أقَرَّ بِعَينٍ أو دَيْنٍ؛ لأنَّ شَرِيكَه إنَّما أَذِنَ له (٣٣) في التِّجَارَةِ، وليس الإِقْرَارُ داخِلًا فيها. وإن أقَرَّ بِعَيْبٍ في عَيْنٍ بَاعَها، قُبِلَ إقْرَارُهُ، وكذلك يُقْبَلُ إقْرَارُ الوَكِيلِ على مُوَكِّلِه بالعَيْبِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وكذلك إن أقَرَّ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِ المَبيعِ (٣٤)، أو بِجَمِيعِه، أو بِأَجْرِ الْمُنَادِى (٣٥) أو الحَمَّالِ، وأشْبَاهِ هذا، يَنْبَغِى أن يُقْبَلَ؛ لأنَّ هذا من تَوَابِعِ التِّجَارَةِ، فكان له ذلك، كتَسْلِيمِ المَبِيعِ وأدَاءِ ثَمَنِه. وإن رُدَّت السِّلْعَةُ عليه بِعَيْبٍ، فله أن يَقْبَلَهَا. وله أن يُعْطِىَ أرْشَ العَيْبِ، أو يَحُطَّ من ثَمَنِه، أو يُؤَخِّرَ ثَمَنَه لأَجْلِ العَيْب؛ لأنَّ ذلك قد يكونُ أحَظَّ من الرَّدِّ، وإن حَطَّ من الثمَنِ ابْتِداءً، أو أسْقَطَ دَيْنًا لهما عن غَرِيمِهِما، لَزِمَ في حَقِّه، وبَطَلَ في حَقِّ شَرِيكِه؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ، والتَّبَرُّعُ يجوزُ في حَقِّ نَفْسِه دون شَرِيكِه. وإن كان لهما دَيْنٌ حَالٌّ، فأَخَّرَ أحَدُهما حِصَّتَهُ من الدَّيْنِ، جَازَ. وبه قال أبو يوسفَ ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ. ولَنا، أنَّه أسْقَطَ حَقَّهُ من المُطَالَبَةِ، فصَحَّ أن يَنْفَرِدَ أحَدُهما به، كالإِبْرَاءِ.

فصل: وهل لأَحَدِهِما أن يَبِيعَ نَسَاءً؟ يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ، بِنَاءً على الوَكِيلِ والمُضَارِبِ. وسَنَذْكُرُ ذلك. وإن اشْتَرَى نَسَاءً بِنَقْدٍ عندَة مِثْلُه، أو نَقْدٍ من غيرِ جِنْسِه، أو اشْتَرَى بشيءٍ من ذَوَاتِ الأَمْثَالِ وعندَه مِثْلُه، جَازَ؛ لأنَّه إذا اشْتَرَى بِجِنْسِ ما عنده، فهو يُؤَدِّى ممَّا في يَدَيْهِ، فلا يُفْضِى إلى الزِّيَادَةِ في الشَّرِكَةِ. وإن لم يكُنْ في يَدِه


(٣٢) في م: "كالصراف".
(٣٣) سقط من: الأصل، ب، م.
(٣٤) في ب، م: "البيع".
(٣٥) في أ، ب، م: "للمنادى".

<<  <  ج: ص:  >  >>