للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يُعْمَلَ بالجميعِ. ويَفْسُدُ النِّكاحُ بأىِّ ذلك كان. ولأنَّه إذا شَرَطَ فى نِكاحِ إحْداهما تَزْويجَ الأُخْرَى، فقد جَعَلَ بُضْعَ كلِّ واحدةٍ صَداقَ الأُخْرَى، ففَسَدَ، كما لو لَفَظَ به. فأمَّا إن سَمَّوْا مع ذلك صَداقًا، فقال: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِى، على أن تُزَوِّجَنِى ابنتَكَ، ومَهْرُ كلِّ واحدةٍ منهما مائةٌ، أو مَهْرُ ابْنَتِى مائةٌ ومهرُ ابنتكَ خَمْسُونَ، أو أَقَلُّ أو أكثرُ، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ، فيما وَقَفْنا عليه (١٣)، صِحّتُه. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لما تقدَّمَ من حديثِ ابن عمرَ، ولأنَّه قد سَمَّى صَدَاقًا، فَصَح، كما لو لم يَشْتَرِطْ ذلك. وقال الْخِرَقِىُّ: لا يَصِحُّ؛ لحديثِ أبى هُرَيْرةَ، ولما رَوَى أبو داودَ (١٤)، عن الأعْرَجِ، أَنَّ العباسَ بن عُبَيْد اللَّه بن العباسِ، أَنْكَحَ عبدَ الرحمنِ بن الحَكَم ابْنَتَه، وأَنْكَحَه عبدُ الرحمن ابْنَتَه، وكانا جَعَلَا صَدَاقًا، فكَتَبَ معاويةُ إلى مَرْوانَ، فأَمَرَه أَن يُفَرِّق بينهما، وقال فى كتابه: هذا الشِّغارُ الذى نَهَى عنه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولأنَّه شَرَطَ نِكاحَ إحْداهما لنِكاحِ الأُخْرَى، فلم يَصِحَّ، كما لو لم (١٣) يُسَمِّيَا صَداقًا. يُحَقِّقُه أَنَّ عَدَمَ التَّسْمِيَةِ ليس بمُفْسِدٍ للعَقْدِ، بدليلِ نِكاحِ المُفَوِّضةِ، فدَلَّ على أَنَّ المُفْسِدَ هو الشَّرْطُ، وقد وُجِدَ، ولأنَّه سَلَفٌ فى عَقْدٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: بِعْتُكَ ثَوْبِى بعَشرَة، على أن تَبِيعَنِى ثَوْبَكَ بعِشْرِينَ. وهذا [الاخْتلافُ فيما] (١٥) إذا لم يُصَرِّحْ بالتَّشْرِيكِ، فأمَّا إن (١٦) قال: زَوَّجْتُك ابْنَتِى، على أَن تُزَوِّجَنِى ابْنَتكَ، ومَهْرُ كلِّ واحدةٍ مهما مائةٌ وبُضْعُ الأُخْرَى. فالنِّكاحُ فاسِدٌ؛ لأنَّه صَرَّحَ بالتَّشْريكِ، فلم يَصِحَّ العَقْدُ، كما لو لم يَذْكُرْ مُسَمًّى.

فصل: ومتى قُلْنَا بصِحّةِ العَقْدِ إذا سَمَّيَا (١٧) صَداقًا، ففيه وَجْهان؛ أحدهما،


(١٣) سقط من: م.
(١٤) فى: باب فى الشغار، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٧٩.
كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٩٤.
(١٥) فى الأصل: "لا خلاف ما".
(١٦) فى م: "إذا".
(١٧) فى الأصل: "سمينا".

<<  <  ج: ص:  >  >>