للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلَبَ (٦)، ولا جَنَبَ (٧)، ولا شِغارَ فى الإِسْلامِ" (٨). ولأنَّه جَعَلَ كلَّ واحدٍ من العَقْدَيْنِ سَلَفًا فى الآخَرِ، فلم يَصِحَّ، كما لو قاِل: بِعْنِى ثَوْبَكَ على أن أبِيعَكَ ثَوْبِى. وقولُهم: إنَّ فَسادَه من قِبَلِ التَّسْمِيةِ. قُلْنا: بل فسادُه (٩) من جِهَةِ أنَّه وَقَفَه على شَرْطٍ فاسِدٍ، أو لأنَّه شَرَطَ تَمْلِيكَ البُضْعِ لغيرِ الزَّوْجِ، فإنَّه جَعَلَ تَزْوِيجَه إيَّاها مَهْرًا للأُخْرَى، فكأنَّه (١٠) مَلَّكَه إيَّاه بشَرْطِ انْتِزاعِه منه. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بين أن يقولَ: على أَنَّ صَداقَ كلِّ واحدةٍ فهما بُضْعُ الأُخْرَى. أو لم يَقُلْ ذلك. وقال الشافعىُّ: هو أن يقولَ ذلك، ولا يُسَمِّى لكلِّ واحدةٍ صَدَاقًا؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الشِّغَارِ، والشِّغارُ أن يقولَ الرجلُ للرجلِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِى على أن تُزَوِّجَنِى بِنْتَكَ. ويكونُ بُضْعُ كل واحدةٍ منهما مَهْرَ الأُخْرَى. ولَنا، ما رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن الشِّغارِ، والشِّغارُ (١١) أن يُزَوِّجَ الرجلُ ابْنَتَه على أن يُزَوِّجَه ابْنَتَه، وليس بينهما صَدَاقٌ. هذا لفظُ الحديثِ الصَّحيحِ المُتَّفَق عليه. وفى حديثِ أبى هُرَيْرةَ: والشِّغارُ أن يقولَ الرجلُ للرجلِ: زَوِّجْنِى ابنتَكَ، وأُزَوِّجكَ ابْنَتِى، أو زَوِّجْنِى أُخْتَك، وأُزَوِّجُكَ أُخْتِى. رواه مسلمٌ. وهذا يَجِبُ تَقْدِيمُه لصِحَّتِه، وعلى أنَّه قد (١٢) أَمْكَنَ الجمعُ بينهما


= كما أخرجه النسائى، فى: باب تفسير الشغار، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٩٢. وابن ماجه، فى: باب النهى عن الشغار، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٦.
(٦) الجلب يكون فى شيئين، أحدهما فى الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة، فينزل موضعا، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهى عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنها. الثانى فى السباق، وهو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثا له على الجرى، فنهى عن ذلك.
(٧) الجنب فى السباق: أن يجنب فرسا إلى فرسه الذى يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب. وفى الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يؤمر بالأموال أن تجنب إليه، أى تحضر. فنهوا عن ذلك.
(٨) وأخرجه النسائى، فى: باب الشغار، من كتاب النكاح، وفى: باب الجلب، وياب الجنب، من كتاب الخيل. المجتبى ٦/ ٩١، ١٨٩، ١٩٠. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٤٢٩، ٤٤١، ٤٤٣.
(٩) فى م: "إفساده".
(١٠) فى أ، م: "فكان".
(١١) سقط من: ب.
(١٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>