للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به؛ لأنَّ ما يُوهَبُ لِلْعَبْدِ يكونُ لِسَيِّدِه. وإن أرادَ صاحِبُ الرَّقَبةِ بَيْعَ العَبْدِ، فله ذلك، ويُبَاعُ مَسْلُوبَ المَنْفَعةِ، ويَقُومُ المُشْتَرِى مَقَامَ البائِعِ، فيما لَه وعليه. وقيل: لا يجوزُ بَيْعُه [من مالِكِ مَنْفَعَتِه دون (٢١) غيرِه] (٢٢)؛ لأنَّ ما لا مَنْفَعةَ فيه، لا يَصِحُّ بَيْعُه، كالحَشَراتِ والمَيْتاتِ. وقيل: يجوزُ بَيْعُه من مالِكِ مَنْفَعَتِه دُونَ غيرِه؛ لأنَّ مالِكَ مَنْفَعَتِه يَجْتَمِعُ له الرَّقَبَةُ والمَنْفَعةُ، فيَنْتَفِعُ بذلك، بخِلَافِ غيرِه، ولذلك جازَ بَيْعُ الثَّمرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلَاحِها لصاحِبِ الشَّجَرةِ دُونَ غيرِه، وكذلك بَيْعُ الزَّرْعِ لصاحِبِ الأرْضِ. ولَنا، أنَّه عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، تَصِحُّ الوَصِيّةُ به، فصَحَّ بَيْعُه كغيرِه، ولأنَّه يُمْكِنُه إعتاقُه وتَحْصِيلُ وَلائِه، وجَرُّ وَلاءِ مَن يَنْجَرُّ وَلاؤُه بِعِتْقِه، بخِلَافِ الحَشَراتِ. وإن وَصَّى لِرَجُلٍ بِرَقَبةِ عَبْدٍ، ولآخَرَ بِنَفْعِه، صَحَّ، وقام المُوصَى له بالرَّقَبةِ مَقامَ الوارِثِ فيما ذَكَرْنا. وبهذا قال الشافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ.

فصل: وإذا أوْصَى لِرَجُلٍ بمَنْفَعةِ أَمَتِه، فأتَتْ بوَلَدٍ من زَوْجٍ أو زِنًى، فهو مَمْلُوكٌ، حُكْمُه حُكْمُ أُمِّه؛ لأنَّ الوَلَدَ يَتْبَعُ الأُمَّ في حُكْمِها، كوَلَدِ المُكَاتَبَةِ والمُدَبَّرةِ. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ لمالِكِ الرَّقَبةِ؛ لأنَّ ذلك ليس من النَّفْعِ المُوصَى به. ولا هو من الرَّقَبةِ المُوصَى بنَفْعِها. وإن وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَجَبَ (٢٣) المَهْرُ على الواطِئِ لصاحِبِ المنْفَعةِ عندَ أصْحابنَا، وعِنْدِى أنَّه لِصَاحِبِ الرَّقَبةِ؛ لأنَّ مَنافِعَ البُضْعِ لا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بها مُنْفَرِدَةً (٢٤)، ولا مع غيرِها، ولا يَجُوزُ نَقْلُها مُفْرَدَةً عن الرَّقَبةِ بغير التَّزْوِيجِ، وإنَّما هي تابِعَةٌ للرَّقَبةِ، فتكونُ لِصَاحِبِها، ولا يَسْتَحِقُّ صاحِبُ المَنْفَعةِ أخْذَ بَدَلِها، إن أتَتْ بوَلَدٍ، فهو حُرٌّ، وتَجِبُ قِيمَتُه يومَ وَضْعِه لِصَاحِبِ الرَّقَبةِ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ، وفي الآخَرِ، يُشْتَرَى بها عَبْدٌ يَقُومُ مَقَامَه، وليس لِلْوَارِثِ ولا لِصَاحِبِ المَنْفَعةِ، وَطْؤُها؛ لأنَّ صاحِبَ المَنْفَعةِ لا يَمْلِكُ رَقَبَتَها، ولا هو زَوْجٌ لها، ولا يُباحُ الوَطْءُ


(٢١) في أ: "ولا".
(٢٢) سقط من: الأصل.
(٢٣) في م: "فأوجب".
(٢٤) في الأصل: "مفردة".

<<  <  ج: ص:  >  >>