للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مالِهِ" (١٠). ولِأَنَّهُ إِزالَةُ مِلْكٍ لبَعْضِ مَمْلوكِهِ الآدَمِىِّ، فزالَ عن جَميعِه، كالطَّلاقِ، ويُفارِقُ البَيْعَ؛ فإنَّهُ لا يحتاجُ إلى السِّعايَةِ، ولا يَنْبَنِى على التَّغْلِيبِ (١١) والسِّرايَةِ (١٢). إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بينَ أَنْ يُعْتِقَ جُزْءًا كَبيرًا، كنِصْفِهِ وثُلُثِهِ، أَوْ صَغيرًا، كَعُشْرِهِ وعُشْرِ عُشْرِهِ. ولا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا بين القائِلينَ بسِرَايَةِ العِتْقِ إِذا كان مَشاعًا. وإن أَعتَقَ جُزْءًا مُعَينًا، كَرأْسِهِ، أو يَدِهِ، أو أُصْبُعِه، عَتَقَ كُلُّهُ أيضًا. وبهذا قال قَتادَةُ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إِنْ أَعتَقَ رَأسَهُ، أو ظَهْرَه، أو بَطْنَه، أو جَسَدَه، أو نَفْسَه، أو فَرْجَه، عَتَقَ كُلُّه؛ لأنَّ حيَاتَه لا تَبْقَى بدُونِ ذلك، وإِنْ أعْتَقَ يَدَه، أَوْ عُضْوًا تَبْقَى حَياتُه بدُونِه (١٣)، لم يَعْتِقْ؛ لِأَنَّه يُمْكِنُ إِزالَةُ ذلك مع بَقائِهِ، فلم يَعْتِقْ بِإعْتاقِهِ، كشَعَرِه، أو سِنِّه. ولَنا، أَنَّهُ أَعتَقَ عُضْوًا من أَعْضائِهِ، فَيَعْتِقُ جَميعُهُ، كَرَأْسِه، فَأَمَّا إِذا أعْتَقَ شَعَرَه، أو سِنَّه، أو ظُفْرَه، لم يَعْتِقْ. وقال قَتادَةُ، واللَّيْثُ، فى الرَّجُلِ يُعْتِقُ ظُفْرَ عَبْدِه: يَعْتقُ كُلُّه؛ لأَنَّه جُزْءٌ مِنْ أَجْزائِه أشْبَهَ أُصْبُعَه. ولَنا، أَنَّ هذه الأشْياءَ تَزُولُ، ويَخْرُجُ غيرُها، فأَشْبَهَتِ الشَّعَرَ، والرِّيقَ، وقد ذُكِرَ ذلك فى الطَّلاقِ (١٤)، وما ذُكِرَ فى الطَّلاقِ فالعَتاقُ مِثْلُه. واللَّهُ أعْلَمُ.

١٩٥١ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ أعْتَقَ حَقَّهُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانا مُعْسِرينِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانا عَدْلَيْنِ، كَانَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَصِيرَ حُرًّا، أَوْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَصِيرَ نِصْفُهُ حُرًّا)

أمَّا إذا كان الشَّرِيكانِ مُعْسِرَيْنِ، فليس فى دَعْوَى أحَدِهِما على صاحِبهِ إِعْتاقَ نَصيبِهِ إعْترافٌ بِحُرِّيِّة نَصيبِهِ، ولا ادِّعاءٌ لاسْتِحْقاقِ قِيمَتِهِ (١) على المُعْتِقِ؛ لِكَونِ عِتْقِ الْمُعْسِرِ يَقِفُ على نَصيبِهِ، ولا يَسْرِى إلى غيرِه، فلم يكُنْ فى دَعْوَاهُ أكْثَرُ من أنَّه شاهِدٌ على صاحِبِه


(١٠) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٣٥٤.
(١١) فى الأصل: "التغلب".
(١٢) سقطت الواو من: ب.
(١٣) فى الأصل، أ، ب: "بدونها".
(١٤) تقدم فى: ١٠/ ٥١٣.
(١) فى أ: "قيمتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>