للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوَاحِيها، لأنَّ ذلك لابُدَّ منه في كُلِّ سقْيٍ بكُلْفَةٍ (٦٧)، فهو زِيَادَةٌ على المُؤْنَةِ في التَّنْقِيصِ، فجَرَى (٦٨) مَجْرَى حَرْثِ الأرْضِ وتَسْمِيتِها (٦٩). وإن كان الماءُ يَجْرِي من النَّهْرِ في سَاقِيَةٍ إلى الأرْضِ، ويَسْتَقِرُّ في مَكَانٍ قَرِيبٍ من وَجْهِهَا، لا يَصْعَدُ إلَّا بِغَرْفٍ أو دُولَابٍ، فهو من الكُلْفَةِ المُسْقِطَةِ لِنِصْفِ الزَّكَاةِ، على مَا مَرَّ؛ لأنَّ مِقْدَارَ الكُلْفَةِ وقُرْبَ الماءِ وبُعْدَه لا يُعْتَبَرُ، والضَّابِطُ لذلك هو أن يحْتَاجَ في تَرْقِيَةِ الماءِ إلى الأرْضِ بآلَةٍ من غَرْفٍ أو نَضْحٍ أو دَاليةٍ ونحو ذلك؛ وقد وُجِدَ. اهـ.

فصل: فإنْ سَقَى نِصْفَ السَّنَةِ بكُلْفَةٍ، ونِصْفَها بغَيْرِ كُلْفَةٍ، ففيه ثلاثةُ أرْبَاعِ العُشْرِ. وهذا قَوْلُ مَالِكٍ، والشَّافِعِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ، ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ منهما لو وُجِدَ في جَمِيعِ السَّنَةِ لأوْجَبَ مُقْتَضاه، فإذا وُجِدَ في نِصْفِها أوْجَبَ نِصْفَه، وإنْ سَقَى بأحَدِهِما أكْثَرَ من الآخَرِ اعْتُبِرَ أكْثَرُهما، فوَجَبَ مُقْتَضَاهُ، وسَقَطَ حُكْمُ الآخَرِ. نَصَّ عليه أحمدُ (٧٠). وهو قَوْلُ عَطاءٍ، والثَّوْرِيِّ، وأبي حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُؤْخَذُ بالقِسْطِ. وهو القولُ الثَّانِي للشَّافِعِيِّ؛ لأنَّهُما لو كانا نِصْفَيْنِ أُخِذَا (٧١) بالحِصَّةِ، فكذلك إذا كان أحَدُهما أكْثَرَ، كما لو كانتِ الثَّمَرَةُ نَوْعَيْنِ. وَوَجْهُ الأوَّل أنَّ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ السَّقْي، وعَدَدِ مَرَّاتِه، وقَدْرِ ما يُشْرَبُ في كُلِّ سَقْيَةٍ يَشُقُّ ويَتَعَذَّرُ، فكان الحُكْمُ للأغْلَبِ منهما كالسَّوْمِ في المَاشِيَةِ. وإن جُهِلَ المِقْدَارُ، غَلَّبْنَا إيجابَ العُشْرِ احْتِيَاطًا. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوَايَةِ عبدِ اللهِ؛ لأنَّ الأصْلَ وُجُوبُ العُشْرِ، وإنَّما يَسْقُطُ بِوُجُودِ (٧٢) الكُلْفَةِ، فما لم يَتَحَقَّق المُسْقِطُ يَبْقَى على الأَصْلِ، ولأنَّ الأصْلَ


(٦٧) في النسخ: "يكلفه". ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٦٨) في أ، م: "يجرى".
(٦٩) في أ، ب، م: "وتحسينها". والتسميت هنا تهيئة الأرض وتسويتها، أو جعل طرق فيها.
(٧٠) سقط من: أ، م.
(٧١) في أ، م: "أخذ".
(٧٢) في أ، ب، م: "بوجوب".

<<  <  ج: ص:  >  >>