للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٩)، قال أبو عُبَيْدٍ (٦٠): العَثَرِيُّ: ما تَسْقِيهِ السَّمَاءُ، وتُسَمِّيه العَامَّةُ: العِذْيَ. وقال القاضي: هو الماءُ المُسْتَنْقِعُ في بِرْكَةٍ أو نَحْوها، يَصُبُّ إليه مَاءُ المَطَرِ في سَوَاقٍ تُشَقُّ له، فإذا اجْتَمَعَ سُقِيَ منه، واشْتِقَاقُه من العَاثُورِ، وهي السَّاقِيَةُ التي يَجْرِى فيها المَاءُ، لأنَّها يَعْثُرُ بها مَن يَمُرُّ بها. وفي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: "وَفِيمَا يُسْقَى بالسَّانِيَةِ نِصْفُ العُشْرِ" (٦١). والسَّوَانِي: هي النَّوَاضِحُ، وهي الإِبِلُ يُسْتَقَى بها لِشُرْبِ الأرْضِ. وعن مُعَاذٍ، قال: بَعَثَنِي رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى اليَمَنِ، فأمَرَنِي أنْ آخُذَ ممَّا سَقَتِ السَّمَاءُ، أو سُقِيَ بَعْلًا، العُشْرَ، وما سُقِيَ بِدَالِيَةٍ، نِصْفَ العُشْرِ (٦٢). قال أبو عُبَيْدٍ (٦٣): البَعْلُ، ما شَرِبَ بِعُرُوقِهِ من غَيْرِ سَقْيٍ. وفي الجُمْلَةِ كل ما سُقِيَ بكُلْفَةٍ ومُؤنَةٍ، من دَالِيَةٍ أو سَانِيَةٍ أو دُولَابٍ أو نَاعُورةٍ أو غير ذلك، ففِيه نِصْفُ العُشْرِ، وما سُقِيَ بغَيْرِ مُؤْنَةٍ، ففيه العُشْرُ؛ لما رَوَيْنَا من الخَبَرِ، ولأنَّ لِلْكُلْفَةِ تَأْثِيرًا في إسْقاطِ الزَّكَاةِ جُمْلَةً، بِدَلِيلِ المَعْلُوفةِ (٦٤)، فبأَنْ يُؤَثِّرَ في تَخْفِيفِها أوْلَى، ولأنَّ الزكاةَ إنَّما تَجِبُ في المَالِ النَّامِى، ولِلْكُلْفَة تَأْثِيرٌ في تَقْلِيلِ (٦٥) النَّمَاءِ، فأثَّرَتْ في تَقْلِيلِ الواجِبِ فيها، ولا يُؤَثِّرُ حَفْرُ الأنْهَارِ والسَّوَاقِي في نُقْصَانِ الزكاةِ؛ لأنَّ المُؤْنَةَ تَقِلُّ، لأنَّها تكونُ من جُمْلَةِ إحْياءِ الأرْضِ ولا تَتَكَرَّرُ كُلَّ عامٍ، وكذلك لا يُؤَثِّرُ احْتِيَاجُها إلى سَاقٍ يَسْقِيها، ويُحَوِّلُ الماءَ في (٦٦)


(٥٩) تقدم تخريجه في صفحة ١٤٠.
(٦٠) في كتاب الأموال ٤٧٨.
(٦١) تقدم تخريجه في صفحة ١٤٠.
(٦٢) أخرجه النسائي، في: باب ما يوجب العشر وما يوجب نصف العشر، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٣١. وابن ماجه، في: باب صدقة الزروع والثمار، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه ١/ ٥٨١. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢٣٣.
(٦٣) في كتاب الأموال ٤٧٨.
(٦٤) في أ، م: "العلوفة".
(٦٥) في م: "تعليل".
(٦٦) في الأصل: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>