للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَيَّنًا فى نَصيبِ أحدِهما، بطَلَتِ القِسْمةُ. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تَبْطُلُ، بل يُخَيَّرُ مَن ظهرَ المُسْتحَقُّ فى نصيبِه بينَ الفَسْخِ والرُّجوعِ بما بَقِىَ من حقِّه، كما لو وجدَ عَيْبًا فيما أخذَه. ولَنا، أنَّها قِسْمةٌ لم تُعدَّلْ فيها السِّهامُ، فكانت باطلةً، كما لو فَعَلا ذلك مع عِلْمِهما بالحالِ. وأمَّا إذا بانَ نصيبُ أحدِهما مَعِيبًا، فيَحْتَمِلُ أن تُمْنَعَ المسألةُ، فنقُولُ ببُطْلانِ القِسْمةِ؛ لعَدَمِ التَّعْديلِ بالقِيمةِ، ويَحْتَمِلُ أن يُفَرَّقَ بينهما، فإنَّ العَيْبَ لا يُمْكِنُ التَّحرُّزُ منه، فلم يُؤثِّرْ فى البُطلانِ، كالبَيْعِ. وإن كان المُسْتحَقُّ فى نَصِيبِهما على السَّواءِ، لم تَبْطُلِ القِسْمةُ؛ لأنَّ ما يَبْقَى لكلِّ واحدٍ منهما بعدَ المُسْتحَقِّ قَدْرُ حَقِّه، ولأنَّ القِسْمةَ إفْرازُ حقِّ أحدِهما مِن الآخَرِ، وقد أفْرَزَ كلُّ واحدٍ منهما حَقَّه، إلَّا أن يكونَ ضَررُ المُسْتحَقِّ فى نَصِيبِ أحدِهما أكثرَ، مثل أن يَسُدَّ طريقَه، أو مَجْرَى مائِه، أو وَضُوئِه، أو نحوِ هذا، فتَبْطلُ القِسْمةُ؛ لأنَّ هذا يَمْنَعُ التَّعْديلَ. وإن كان المُسْتحَقُّ فى نَصيبِ أحدِهما أكثرَ مِن الآخَرِ، بَطَلَتْ؛ لما ذكرْناه. وإن كان المُسْتحَقُّ مُشاعًا فى نَصِيبِهما (٢٦)، بطَلَتِ القِسْمةُ؛ لأنَّ الثالثَ (٢٧) شريكُهما وقد اقْتَسَما في غيرِ حُضورِه ولا إذْنِه، فأشْبَهَ ما لو كانَ لهما شريكٌ يَعْلمانِه، فاقْتسَما دُونَه. وإن كانا يَعْلمانِ المُسْتحَقَّ حالَ القِسمةِ، أو أحدُهما، فالحُكْمُ فيها كما لو لم يَعْلَماهُ، على ما ذكرْنا من التَّفْصيلِ فيه. واللهُ أعلمُ.

فصل: وإذا ظهرَ فى نَصيبِ أحدِهما عَيْبٌ لم يَعْلَمْه قبلَ القِسْمةِ، فله فَسْخُ القِسْمةِ أو الرُّجوعُ بأرْشِ العَيْبِ؛ لأنَّه نَقْصٌ فى نَصِيبِه، فملَكَ ذلك، كالمُشْترِى. ويَحْتَمِلُ أن تَبْطُلَ القِسْمةُ؛ لأن التَّعْديلَ فيها شرطٌ، ولم يُوجَدْ، بخلافِ البَيْعِ.

فصل: وإذا اقْتسَما دارَيْنِ، فأخذَ كلُّ واحدٍ منهما دارًا، وبَنَى فيها، أو اقْتسَما أرْضَيْنِ، فبنَى أحدُهما فى نَصِيبِه أو غرسَ، ثم اسْتُحِقَّ نَصِيبُه، ونُقضَ بِناؤُه، وقُلِعَ (٢٨)


(٢٦) فى الأصل، أ: "نصفيهما".
(٢٧) فى م: "الثلث".
(٢٨) فى الأصل: "وقطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>