للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمَةِ، فأشْبَهَ عادِمَ الطَّوْلِ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}. فشَرَطَ فى نِكاحِها عَدَمَ اسْتِطاعةِ الطَّوْلِ، فلم يَجُزْ مع الاستطاعةِ، كالصَّوْمِ فى كَفَّارةِ الظِّهارِ مع (٦) استطاعةِ الإِعْتاقِ، ولأنَّ فى تَزْويِج الأَمَةِ إرْقاقَ وَلَدِه مع الغِنَى عنه، فلم يَجُزْ، كما لو كان تحتَه حُرَّةٌ. وقِياسُهُم ليس بصَحِيحٍ؛ فإنَّ نِكاحَ الخامسةِ والأُختِ، إنَّما حُرِّمَ لأجْلِ الجَمْعِ، وبالقُدْرةِ على الجَمْعِ لا يَصِيرُ جامِعًا، والعِلَّةُ ههُنا، هو الغِنَى عن إرْقاقِ وَلَدِه، وذلك يَحْصُلُ بالقُدْرةِ على نِكاحِ الحُرَّةِ. وأمَّا من يَجِدُ الطَّوْلَ ويخافُ العَنَتَ، فإن كان ذلك لكَوْنِه لا يَجِدُ إلَّا حُرّةً صغيرةً أو غائبةً أو مَرِيضةً لا يُمْكِنُ وَطْؤُها، أو وَجَدَ مالًا ولم يُزَوَّجْ (٧) لقُصُورِ نَسَبِه، فله نِكاحُ الأَمَةِ؛ لأنَّه عاجِزٌ عن حُرَّةٍ تُعِفُّه. وإن كانت الحرةُ فى حِبالةِ غيرِه (٨)، فله نِكاحُ أمَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ فى الغائبةِ. وهو ظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ. وقال بعضُهم: لا يجوز؛ لوُجْدانِ الطَّوْلِ. ولَنا، أنَّه غيرُ مستطيعٍ لِلطَّوْلِ (٩) إلى حُرَّةٍ تُعِفُّه، فأشْبَه مَنْ لا يجدُ شيئا، ألا تَرَى أَنَّ اللَّهَ سبحانه جعَل (١٠) ابنَ السَّبِيلِ. الذى له اليَسارُ فى بَلَدِه فَقِيرًا؛ لعَدَمِ قُدْرَتِه عليه فى الحال! وإن كانت له حُرَّةٌ يَتَمَكَّنُ من وَطْئِها، والعِفَّةِ بها، فليس بخائِفٍ العَنَتَ.

فصل: وإن قَدَرَ على تزويج كِتابِيَّةٍ تُعِفُّه، [أو ثَمَنِ أمَةٍ] (١١)، لم يَحِلَّ له نِكاحُ


(٦) فى م زيادة: "عدم".
(٧) فى م: "يتزوج".
(٨) مكان هذه الكلمة فى الأصل، أ، ب: "وهما كذلك". والعبارة غير مستقيمة، ولعل صوابها: "وإن كانت الحرةُ فى حبالِهِ غير أنها غائبة". واللَّه أعلم.
(٩) فى م: "الطول".
(١٠) فى الأصل، ب: "نزل".
(١١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>