للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدْ أمْكَنَ ههُنا، فلا يُصارُ إلى التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ.

١٠٣٠ - مسألة؛ قال: (ويُوَرَّثُ ذَوُو الْأَرْحامِ، فيُجْعَلُ مَنْ لم يُسَمَّ لَهُ فَريضَةٌ عَلَى مَنْزِلَةِ مَنْ سُمِّيَتْ له، ممَّنْ هُوَ نَحْوُه، فيُجْعَلُ الخَالُ بمَنْزِلَةِ الأُمِّ، والعَمَّةُ بمَنْزِلَةِ الْأَبِ. وعَنْ أَبِى عَبْدِ اللهِ، رحَمِهُ اللهُ، رِوَايَةٌ أُخرَى، أنَّهُ جَعَلَها بِمَنْزِلَةِ الْعَمِّ. وَبِنْتُ الْأَخِ بمَنْزِلَةِ الْأَخِ، وَكُلُّ ذِى رَحِمٍ لَمْ يُسَمَّ لَهُ فَرِيضَةٌ فَهُوَ عَلَى هذا النَّحْوِ)

مَذهبُ أبى عبدِ اللهِ في توريثِ ذَوى الأرْحامِ مَذْهَبُ أهلِ التَّنْزِيلِ، وهو أن يُنَزَّلَ كُلُّ واحدٍ منهم مَنْزِلَةَ مَنْ يَمُتُّ به من الوَرَثَةِ، فيُجْعَلَ له نصيبُهُ. فإِنْ بَعُدوا نُزِّلوا درجةً درجةً إلَى أن يصِلُوا إلى (١) مَنْ يَمُتُّون به، فيأخُذونَ مِيراثَه. فإن كان واحِدًا أخَذَ المالَ كلَّه، وإنْ كانوا جماعَةً قَسَمْتَ المالَ بين مَنْ يمتُّونَ به، فما حصَلَ لكُلِّ وارثٍ جُعِلَ لمن يَمُتُّ به. فإن بَقِىَ من سِهامِ المسألَةِ شَىْءٌ، رُدَّ عليهم على قَدْرِ سِهامِهم. وهذا قولُ عَلْقَمَةَ، ومسروقٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وحمَّادٍ، ونُعَيْمٍ، وشَرِيكٍ، وابْنِ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِيِّ، وسائرِ من وَرَّثَهم غير أهلِ الْقَرابة. وقد رُوِىَ عن عليٍّ، وعبدِ اللَّه، رَضِىَ اللَّه عنهما، أنَّهما نزَّلا بنتَ البنتِ منزِلَةَ البنتِ، وبنتَ الأَخِ منزِلَةَ الأَخِ، وبنتَ الأُخْتِ منزِلَةَ الأُخْتِ، والعمَّةَ منزِلَةَ الأبِ، والخالَةَ منزِلَةَ الأُمِّ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، رَضِىَ اللَّه عنه، في العَمَّةِ والخالَةِ. وعن عليٍّ أيضًا، أنَّه نزَّل العمَّةَ بمنزِلَةِ العَمِّ. ورُوِىَ ذلك عن عَلْقَمَةَ، ومَسْرُوقٍ. وهى الرِّوايَةُ الثانيةُ عن أحمدَ. وعن الثَّوْرِيِّ، وأبى عُبَيْدٍ، أنَّهما نزَّلاها مَنْزِلَةَ الجَدِّ مع ولَدِ الإِخوَةِ والأخَواتِ. ونزَّلها آخرونَ منزِلَةَ الجَدَّةِ. وإنَّما صار هذا الخِلافُ في العَمَّةِ؛ لأنَّها أَدْلَتْ بِأربَعِ جِهاتٍ وَارِثَاتٍ؛ فالأَبُ والعَمُّ أَخَواها، والجَدُّ والجَدَّةُ أَبَواها. ونزَّلَ قومٌ الخالَةَ منزِلَةَ (٢) جَدَّةٍ؛ لأنَّ الجَدَّةَ أمُّها. والصَّحيحُ من ذلك تنزيلُ العَمَّةِ أَبًا، والخالَةِ أُّمًّا، لوِجوهٍ ثلاثةٍ؛ أحدها، ما رَوَى الزُّهْرِىُّ، أنَّ


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>