للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والمُخْتَارُ عند أبى عبدِ اللهِ، فِعْلُها في الجَمَاعَةِ، قال، في رِوَايَةِ يوسفَ بن موسى: الجَمَاعَةُ في التَّرَاوِيحِ أفْضَلُ، وإن كان رَجُلٌ يُقْتَدَىَ به، فَصَلَّاهَا في بَيْتِه، خِفْتُ أن يَقْتَدِىَ النّاسُ به. وقد جاء عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقْتَدُوا بالخُلَفَاءِ" (١٣). وقد جاءَ عن عمرَ أنَّه كان يُصَلِّى في الجَمَاعَةِ. وبهذا قال المُزَنِىُّ، وابنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وجَمَاعَةٌ من أصْحَابِ أبى حنيفةَ، قال أحمدُ: كان جابِرٌ، وعلىٌّ، وعبدُ اللهِ يُصَلُّونَها في جَمَاعَةٍ. قال الطَّحَاوِىُّ: كلُّ مَن اخْتَارَ التَّفَرُّدَ يَنْبَغِى أنْ يكونَ ذلك على أن لا يَقْطَعَ معه القِيَامَ في المَسَاجِدِ، فأمَّا التَّفَرُّدُ الذي يُقْطَعُ معه القِيَامُ في المَسَاجِدِ فَلَا. ورُوِىَ (١٤) نحوُ هذا عن اللَّيْثِ بن سعدٍ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ: قِيَامُ رَمَضَانَ لِمَن قَوِىَ في البَيْتِ أَحَبُّ إلَيْنَا؛ لما رَوَى زيدُ بنُ ثابِتٍ قال: احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أو حَصِيرٍ (١٥)، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى (١٦) فيها. قَال (١٦): فَتَتَبَّعَ إليه رجَالٌ، وجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِه، قال: ثم جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا، وأبْطَأَ رَسُولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنهم، فلم يخْرُجْ إليهم، فَرَفَعُوا أصْوَاتَهم، وحَصَبُوا البَابَ، فَخرَجَ إليهم رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُغْضَبًا، فقال لهم (١٧): "مَازَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بالصَّلَاةِ في بُيُوتِكُمْ، فَإنَّ خَيْرَ صَلَاةِ المَرْءِ في بَيْتِه، إلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوَبَةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٨). ولَنا، إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ على ذلك، وجَمَعَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَصْحَابَهُ وأهْلَه في


(١٣) أخرجه الترمذي، في: باب في مناقب أبي بكر وعمر، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ١٢٩. وابن ماجه، في: باب في فضل أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من المقدمة. سنن ابن ماجه ١/ ١٣٧. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٨٢، ٣٨٥، ٣٩٩، ٤٠٢. وفيها كلها: "اقتدوا بالذين من بعدى".
(١٤) في م: "ويروى".
(١٥) أي حوَّط موضعا من المسجد بحصيرة ليستره ليصلى فيه.
(١٦) سقط من: ا، م.
(١٧) سقط من: م.
(١٨) تقدم تخريجه في صفحة ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>