للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب أجَلِ العِنِّينِ والخَصِىِّ غيرِ المَجْبُوبِ

العنِّينُ: هو العاجزُ عن الإِيلاجِ. وهو مَأْخُوذٌ من عَنَّ. أى: اعْتَرَضَ؛ لأنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذا أرَادَ إِيلاجَه، أى يَعْتَرِضُ، والعَنَنُ الاعْتِراضُ. وقيل: لأنَّه يَعِنُّ لِقُبُلِ المَرْأةِ (١) عن يَمينِه وشِمالِه، فلا يَقْصِدُه. فإذا كان الرجلُ كذلك فهو عَيْبٌ به، ويُسْتَحَقُّ به فَسْخُ النِّكاحِ، بعدَ أن تُضْرَبَ له مُدّةٌ يُخْتَبَرُ فيها، ويُعْلَمُ حالُه بها. وهذا قولُ عمرَ، وعثمانَ، وابنِ مسعودٍ، والمُغِيرةَ بن شُعْبةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، وعطاءٌ، وعَمْرُو بن دِينارٍ، والنَّخَعِىُّ، وقتادةُ، وحَمَّادُ بن أبى سُلَيمانَ. وعليه فَتْوى فُقَهاءِ الأمْصارِ، منهم؛ مالكٌ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيْدٍ. وشَذَّ الحَكَمُ بن عُتَيْبةَ، وداودُ، فقالا: لا يُؤَجَّلُ، وهى امْرَأتُه. ورُوِىَ ذلك عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه؛ لأنَّ امْرأةً أتَتِ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: يارسولَ اللَّه، إنَّ رِفاعةَ طَلَّقَنِى، فبَتَّ طَلَاقِى، فتزَوَّجْتُ بعبدِ الرحمنِ بن الزُّبَيْرِ، وإنَّما له مثلُ هُدْبةِ الثَّوْبِ، فقال: "تُرِيدِينَ أنْ تَرْجِعِى إلى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ، ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ" (٢). ولم يَضْرِبْ له مُدّةً. ولَنا، ما رُوِىَ أَنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أجَّلَ الغِنِّينَ سَنَةً. ورَوَى ذلك الدَّارَقُطْنِىُّ (٣)، بإسْنادِه عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، والمُغِيرةَ بن شُعْبةَ. ولا مُخالِفَ لهم. ورَواه أبو حَفْصٍ عن علىٍّ. ولأنَّه عَيْبٌ يَمْنَعُ الوَطْءَ، فأثْبَتَ الخِيارَ، كالجَبِّ فى الرَّجُلِ، والرَّتْقِ فى المرأةِ، فأمَّا الخَبَرُ، فلا


(١) فى الأصل زيادة: "من".
(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٣.
(٣) أخرجه الدارقطنى، فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٣٠٦، ٣٠٧. وابن أبى شيبة، فى: باب كم يؤجل العنين، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٢٠٦، ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>