للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضَى زمنٌ تَعُودُ في مثلِه فلم تَعُدْ. وإنْ قَلَعَ سِنَّ مَنْ قدْ ثُغِرَ، وجَبَتْ دِيَتُها في الحالِ؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّها لا تعودُ، فإن عادتْ، لم تَجِب الدِّيَةُ، وإن كان قد أخَذَها رَدَّها. وبهذا قالَ أصحابُ الرَّأْىِ. وقال مالكٌ: يَرُدُّ شيئًا؛ لأنَّ العادةَ أنَّها لا تعودُ، فمتى عادَتْ كانَتْ هِبَةً من اللهِ تعالى مُجَدَّدَةً، فلا يسْقُطُ بذلك ما وجبَ له بقَلْعِ سِنِّه. وعن الشَّافعىِّ كالمَذْهبَيْنِ. ولَنا، أنَّه عاد له في مكانِها مِثْلُ التي قُلِعَتْ، فلم يجبْ له شيءٌ، كالَّذى لم يُثْغِرْ. وإن عادَتْ ناقصةً، أو مُشوَّهةً، فحكْمُها حكْمُ سنِّ الصَّغير إذا عادَتْ، على ما ذكرْنا. ولو (٢٠) قَلَعَ سنَّ مَنْ لم يُثْغِرْ، فمضَتْ مدَّةٌ يُيْأَسُ من عَوْدِها، وَحُكِمَ بُوجوبِ الدِّيَةِ، فعادتْ بعدَ ذلك، سقطَتِ الدِّيَةُ، ورُدَّتْ إن كانتْ أُخِذَتْ، كسِنِّ الكبيرِ إذا عادَتْ.

فصل: وتجبُ دِيَةُ السِّنِّ فيما ظَهرَ منها من اللِّثَةِ؛ لأنَّ ذلك هو المُسمَّى سِنًّا، وما في اللِّثَةِ منها يُسَمَّى سِنْخًا، فإذا كُسِرَ السِّنُّ، ثم جاءَ آخرُ فقَلَعَ (٢١) السِّنْخَ، ففى السِّنِّ دِيَتُها، وفى السِّنْخِ حُكومةٌ، كما لو قَطعَ إنسانٌ أصابعَ رجلٍ، ثم قطَعَ آخَرُ كَفَّه. وإنْ قَلَعها الأوَّلُ (٢٢) بسِنْخِها، لم يجبْ فِيها أكثرُ من دِيَتِها، كما لو قطعَ اليَدَ منْ كُوعِها. وإنْ فعلَ ذلك في مرَّتَيْنِ، فكسَرَ السِّنَّ، ثم عادَ فقلَعَ (٢١) السِّنْخَ، فعليهِ دِيَتُها وحُكومةٌ؛ لأنَّ دِيَتَها وجبَتْ بالأوَّلِ، ثمَّ وجبَ عليه بالثانى حُكومةٌ، كما لو فَعلَه غيرُه. وكذلك لو قطعَ الأصابعَ، ثم قطَعَ الكَفَّ. وإنْ كسرَ بعضَ الظَّاهرِ، ففِيه من دِيَةِ السِّنِّ بقَدْرِه. وإنْ كانَ ذهبَ النِّصْفُ، وجبَ نِصفُ الأرْشِ، وإن كان الذَّاهبُ الثُّلُثَ، وجبَ الثُّلُثُ. وإنْ جاءَ آخَرٌ، فكسرَ بقيَّتَها، فعليه بَقيَّةُ الأرْشِ. فإن قلَعَ الثَّانِى بِقيَّتَها بسِنْخِها، نظَرْنا؛ فإنْ كان الأوَّلُ كَسَرَها عَرْضًا، فليس على الثَّانى للسِّنْخِ شيءٌ؛ لأنَّه تابعٌ لما قلَعَه


(٢٠) في ب: "وإن".
(٢١) في ب: "فقطع".
(٢٢) في م: "الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>